البذرة إنشقت عن جذرا .. عن برعما .. فساقا .. فغصنا .. فثمرا يتدلى ..
الثمرة صارت غذاءا لجيلا يتربى ..
وطن ينشأ من بذرة !! ..
فما أعجب الدنيا !!!!
جاهد في طلب العلم .. نال أعلى الشهادات .. أرقى المناصب .. أرفع الأوسمة .. جالس العلماء .. علا شأنه بين البشر .. حلقت به طائرة في رحلة من رحلاته العلمية .. أحترقت الطائرة .. غدا رمادا منثورا ..
فما أحقر الدنيا !!!!
ضمته بقوة بين ذراعيها المرتجفين .. تكاد تدخله قلبها الحنون .. تخشى عليه من نظرة حسود .. دوى صوت قنبلة قريبة زرعها أحدهم في سيارة مفخخة .. إنحنت لرضيعها مفزوعة.. وجدته غارقا بدمه .. في عينيه نظرة عتاب فيها ألف سؤال بلا جواب .. ما ذنبي يا أمي ؟؟ وما فعلت أنا ؟؟
فما أقبح الدنيا !!!
تغذيتا من مشيمة واحدة .. توسدتا رحم واحد .. ولدتا في يوم واحد .. كانتا تؤأمتين .. روح واحدة في جسدين متماثلين منفصلين .. معا في كل مكان وزمان .. معا في كل كبيرة وصغيرة .. معا في البيت والدراسة والعمل .. جاء العريس المنتظر .. ظفر بواحدة .. و ركنت الأخرى .. أغترب بها إلى أقصى المعمورة .. أفترق التؤأمان .. وتمزق القلبان ..
فما أمر الدنيا !!!
حذفت كلمة راحة من قاموس حياتها حتى إشعار آخر .. عاهدت نفسها أن لا تطعمه و لاتكسيه إلا من الحلال .. ذلت نفسها بأحقر الأشغال .. سهرت لينام .. تأكل هي الفتات ليشبع هو .. كبر الصبي ..غدا شابا .. تخرج من الجامعة .. وضعت في يده عروسا جميلة .. أسكنتهم معها في بيتها الصغير .. جادت عليهم بكل ما جمعته من حصاد العمر .. لمعت عينيها ببريق عجيب وهي لا تكاد تصدق جائزة كدح السنين .. تنفست الصعداء .. فقد ولى زمن الشقاء و حان وقت الرخاء .. أتاها موبخا ثم غدا مهددا .. زوجتي لا تهنأ بوجودك .. البيت صغير .. فيه سيكون غدا إما أنت و إما هي وقد أخترها هي ..
فما أقسى الدنيا !!!!