دور المراه في ثورات الجبل الاشم
دفعت المرأة في "جبل العرب" ضريبة الدم في الذود عن نفسها وأبنائها وأرضها. فمنذ أن بدأ غزو الجبل على يد الطامعين، وخلال حملة "طاهر باشا" التركي عام 1897 كان في إحدى المعارك قرب قنوات بين شهداء الجبل أكثر من ثلاثين امرأة شهيدة».
كما قال المؤرخ "عباس أبو صالح" في كتابه "تاريخ الموحدين السياسي في المشرق العربي"، بيد أن تاريخها لا يبرز مباشرة عن طريق اشتراكها في القتال، لأن التاريخ لا يتحدث إلا عن القليل من النساء اللواتي حملن السلاح وقاتلن، وغالبا ما حصل هذا إلى جانب أزواجهن وإخوتهن، وامتناعهن عن ذلك عائد إلى الأعراف والتقاليد التي تخشى وقوعهن في الأسر بيد الأعداء وإلى اعتداد الرجال بأنفسهم
وكما يقول الكاتب "حسن أمين البعيني" في كتابه "جبل العرب": «وانحصر دور المرأة في الحرب بتقديم الزاد والطعام
والتنقل بين "البيارق" "لتنخية" الرجال وتمريض الأقارب، وظهورها في المعارك سبب في الانتصار وتشجيعها بعد الهزيمة دافع للارتداد إلى القتال ودحر الأعداء.
وما عودة المقاتلين المنهزمين أمام الجيش المصري في "اللجاة" إلا بعد أن سمعوا زغاريد النساء، فلم يعبؤوا بقصف المدافع وعادوا إلى مواجهة أكثر من أربعين ألف جندي وانتصروا في تلك المعركة.
وظهرت المناضلة "سعدى ملاعب" للرجال المنهزمين أمام الحملة العثمانية عام 1896 في موقعة "العيون" قرب قرية "عرمان" فعادوا يهزجون:
عشانك سعدى ملاعب/ نفني كل الكتايب
ما بيرجع لقرابة السيف/ حتى يسوي العجايب».
يقول الكاتب "سلامة عبيد" في كتابه الثورة السورية الكبرى: «بعد انهزام الثوار في موقعة "المزرعة" صباح الثاني من آب عام 1925 عاد بعض المقاتلين واشتركوا في
هجوم المساء بتحريض من زوجة المجتهد "عباس أبو عاصي" في قرية "نجران" التي رفضت أن يمد أي ثائر يده إلى الطعام الذي أعدته لهم، إلا إذا وعدوا بالعودة إلى ساحة القتال».
أما السيدة "أم حمد بستان شلغين" من قرية "صميد" فقد تكفلت بتقديم الطعام للمقاتلين اللبنانيين يوميا حتى لم يبق لديها شيء تقدمه، فباعت مصاغها ورهنت أرضها ورفضت فيما بعد قبول مساعدة الجنرال "أندريا" الذي أعجب بوطنيتها، وحاول أن يخفف من بؤسها. وهي التي فقدت عددا من أبنائها وأقاربها في المعارك.
والمرأة بشكل عام تشيد بالشجاع وتحتقر الجبان الذي لا يصلح أن يكون زوجا.
وفي المعارك ينتخي المجاهد بأنه أخو فلانة ويحيي رفاقه بأسماء أخواتهم أحيانا، وما دل على ذلك إلا
التحيات التي أطلقها شعراء الجبل على قائد الثورة "سلطان باشا الأطرش" بأبيات رددها الفرسان وهم يحدون على ظهور خيولهم:
عفي يا أخو سمية، حر وما يهابا/ ذبح العساكر، كسر الطوابا.
يذكر في النهاية أن مجتمع "السويداء" قدم أكثر من مئة شهيدة خلال الثورة السورية الكبرى بين عامي 1925-1927 فقط
|