حبست "ريم" نفسها في غرفتها المنعزلة عن المنزل بانتظار الساعة الرابعة، رافضة الجلوس أمام الهاتف لمعرفة نتيجتها النهائية في شهادة التعليم الأساسي، وقبل موعد النتيجة المعلنة بنصف ساعة سمعت صوت الهاتف يرن! فأحست أن الهاتف يخصها، وركضت باتجاهه حيث كان مدير تربية "السويداء" الأستاذ "أكرم الزغير" مدير المدرسة السابق يبشر العائلة بحصول "ريم" على المركز الأول على مستوى القطر.
قول "ريم نضال الأطرش" المولودة في العام 1995 في قرية "عرمان" الواقعة إلى الشرق من مدينة "صلخد" لموقع eSuweda عن الطريق الذي سلكته قبل حصولها على شهادة التفوق: «تعلمت في مدرسة "عرمان" المحدثة، وقد واظبت منذ أن دخلت المدرسة على التفوق، وفي الصف الخامس كنت رائدة على مستوى "السويداء" في التعبير الأدبي، ولم أتنازل في السنوات التي بعدها عن المقدمة، على الرغم من المنافسة الكبيرة من زميلاتي اللواتي أحبهن كما أحب نفسي، وكنا في المدرسة نجتهد للحصول على العلامات الكاملة، فلا تراكم للدروس، أو تضييعاً للوقت، وكنت أمارس طريقة لا أعتقد أن زميلاتي كن يمارسنها مع المواد التي تحتاج إلى الحفظ، وتتميز بأنها صعبة، حيث كنت أقرأ بصوت عالٍ في غرفتي، حتى أشعر بأن كل المعلومات المطلوبة قد رسخت في عقلي بشكل نهائي، وهكذا بمساعدة من أفراد أسرتي، وبفضل المدرسين القديرين في المدرسة حرصت على ألا يفوتني أي درس، وكنت في شهر الانقطاع أستيقظ باكراً وأتابع الدراسة مع الاستراحات القليلة حتى الحادية عشرة ليلاً، وعندما كنت أتعب من الدراسة أتمشى في القرية، أو أزور الصديقات قليلاً وأعود أكثر نشاطاً للدراسة من جديد».
لم تتلق "ريم" أي درس خصوصي طوال
"ريم" مع والدتها السيدة "براءة كمال"
دراستها السنوية لشهادة التعليم الأساسي، ولكنها تلقت بعض المساعدة من المقربين عندما تشعر بأنها بحاجة لذلك، وتقول: «كنت أستفيد من خالتي المدرسة لمادة اللغة العربية "خلود كمال" عندما أشعر بأنني غير مستوعبة لأمر ما في اللغة، وكنت متخوفة كثيراً من مادة الرياضيات، غير أن المدرسة "أمل أبو مغضب" أدت ما عليها وكانت تعطينا أدق التفاصيل في المسائل والتمارين، وبشكل عام كان الأساتذة في مدرسة "عرمان" المحدثة على سوية عالية من العلم والمعرفة ولم نكن بحاجة للدروس الخصوصية، وأذكر منهم مدرسة اللغة العربية "سمر الحجار"، وأستاذ العلوم والفيزياء والكيمياء "أيمن الشريطي"، وهناك أمر يجب معرفته أن الطالب الذي يريد أن يتفوق لا يقف بطريقه شيء مهما كانت الظروف».
يطلق عليها المدرس "جهاد الحلح" الطالبة الخارقة لتعدد مواهبها في الرياضة والموسيقا، ويقول عن ذلك: «إذا قارنت ظروف أي شخص آخر مع ظروفها تكتشف ذلك، فهي من قرية بعيدة نسبياً عن مدينة "السويداء" وتمارس لعبة التنس بكل جد ومسؤولية، وتلعب كرة الطاولة بمهارة عالية، ولها مستقبل فيها إذا استمرت باللعب، وتعزف على آلة الأورغ منذ سنتين لدرجة تظنها محترفة في العزف، وهي الآن تحصل على العلامة الكاملة في أول شهادة، ولذلك فهي
ريم مع زميلتها في التفوق
نانسي نصار
بنظري خارقة وفوق العادة».
تحلم "ريم" في أن تصبح طبيبة في نوع مختلف من الطب لم تألفه المنطقة العربية حتى اللحظة، وعلى الرغم من اعترافها أن الوقت مبكر جداً على الحلم إلا أن ثلاث سنوات من عمر الزمن يحصل فيه الكثير من التغييرات، وتقول: «أحلم بدراسة الطب الجيني غير المتداول حتى الآن في كثير من جامعات العالم، ولا أعرف ماهية الرغبة التي شدتني إلى هذه العلوم التي سمعت أنها محاربة، وأعلم جيداً أن العلم وجد لخير البشرية وإسعاد الناس، وهو ما أرغب في عمله تماماً، ويبدو أن الوقت ما زال مبكراً على تقرير المصير لأن لدي متسع لذلك، وعلي الآن أن أجتهد من أجل نيل الشهادة الثانوية بامتياز قبل أن أقرر مصير مهنتي، وبنفس الوقت أحب أن أعيش يومي وأمارس هواياتي التي أحب ولكل شيء وقت».
السيدة "براءة كمال" والدة "ريم" التي حصلت على شهادة الثانوية العامة مرتين في بيت الزوجية قالت لموقعنا عن وضع المنزل، وعلاقته بنجاح ابنتها: «من الواضح أن للبيت تأثير على حياة الأبناء، فإذا كان الوضع مريحاً والأبناء يتحملون المسؤولية وطموحون لبناء مستقبل جيد، تجدهم من المتفوقين، وقد تلاحظ أن منزلنا يعتمد على العلم، ولولا ذلك لما استطعت الدراسة والنجاح، ولدينا ثلاثة أبناء فقط هم "كنان" الذي حصل على شهادة الثانوية بتقدير جيد جداً، و"ريم" التي كانت تدرس في غرفة منعزلة عن المنزل، و"حاتم" في الصف الرابع، وكانت طلبات "ريم" مجابة على الرغم من أنها لا تطلب شيئاً خارقاً، تأكل مما نأكل دون تأفف، ولا تهتم إلا بدروسها والرياضة والموسيقا، ولا تضيع لحظة واحدة من الوقت، وأعتقد أنها حصدت ما زرعت
ومنا إدارة موقع عرمان نبارك لك ياريم بهذا الانجاز الرائع الذي هو فخر لجبل العرب ولقريتك عرمان والى المزيد من التفوق و النجاح