بموكب مهيب وخطب جلل شيع أهالي محافظة "السويداء"، الشيخ الجليل "محمد الحناوي" الملقب بـ"أبي حسين"، عن عمر بلغ 104 سنوات قضاه بالعلم والمعرفة، ضمن حفل تأبيني أقيم في الملعب البلدي بالسويداء، والصلاة على روحه قبل أن يوارى الثرى في قريته "سهوة البلاطة"، بحضور د. "محمد عبد الستار السيد" وزير الأوقاف ممثل السيد رئيس الجمهورية الدكتور "بشار الأسد"، وعدد من الشخصيات الرسمية والشعبية ورجال الدين من لبنان والأردن وفلسطين والجولان.
«وما كان للمتقين أن يموتوا إلا لكتاب مؤجل، فهم يريدون ثواب الآخرة، ونبينا الأعظم عليه الصلاة والسلام ترك واعظين: الواعظ الصامت، والواعظ الناطق، فالواعظ الصامت هو الموت، والواعظ الناطق هو القرآن الكريم، وقد آمن الواعظ الناطق بالذكر الحكيم، والواعظ الصامت بالموت، فالشيخ الجليل كان واحداً ممن كان يتقن الوعظين الصمت والذكر الحكيم»، بهذه الكلمات تحدث ممثل السيد الرئيس الدكتور "محمد عبد الستار السيد" وزير الأوقاف لموقع eSwueda وتابع:
«يشرفني أن أنقل باسم السيد الرئيس الدكتور "بشار الأسد" خالص تعازيه ونسأل المولى أن يتغمد الجليل الرحمة والرضوان، وباسم سيادته أتقدم من مشيخة العقل لطائفة المسلمين الموحدين بخالص التعازي بالفقيد الروحاني والعالم الرباني، يقول النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "العلماء ورثة الانبياء"، وقد جئت من "دمشق" الفيحاء من وزارة الأوقاف لأشارك بتوديع الشيخ الفاضل "محمد الحناوي" رحمه الله».
وتابع السيد الوزير بالقول: «هذه هي سنة الله في خلقه: الكبير كما الصغير، وكل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الإجلال والإكرام، ولنا الأمام "علي" كرم الله وجهه عبرة حينما قال: "عجبت لابن آدم كيف يفرح من يقود إلى غدته، ومن عمره يقوده إلى أجله، كيف يفرح بالدنيا من تقوده حياته إلى موته"، ونحن في سورية نعيش لحمة وطنية رائدة، ولهذا أتقدم من ضيوفنا من "لبنان والأردن" ومن كل مكان ممن أتوا إلى تراب السويداء وجبلها أن يتعلموا الشهامة والكرامة والمقاومة في وجه كل عدو، ولينشروا المحبة والسماحة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد
وزير الاوقاف والجهات الرسمية
الشيخ الجليل بالرحمة والرضوان وأن يسكنه فسيح الجنان».
وكان للشيخ الراحل علاقة مع العلم والمعرفة فقد بدأ حياته معلماً في "الجولان" قرية "بقعاثا" قبل الاحتلال الاسرائيلي، ثم انتقل إلى قرية "حضر" ومن تلاميذه عام 1948 رئيس وفد الجولان اللواء "يوسف عماشة" الذي أوضح بالقول: «عرفت سماحته شاعراً عندما كنت تلميذاً في صفه، فقد درسني عام 1948 ولغاية 1951 في قرية "بقعاثا"، تميز منذ القديم بحبه للعلم، فقد كان يقرأ الذكر الحكيم كلما وجد لنفسه لحظات الفراغ، وإذا ما فرغ يكون الكتاب بيده، فحبه للمعرفة لا مثيل له، رافق علمه التواضع والتصوف والزهد في الدنيا، والتعلق مع الخالق، ونحن باسم أهل الجولان، نتقدم بالتعازي بفقيد المرجع الروحي وشيخ الجزيرة وسيد العشيرة الشيخ "أبو حسين محمد الحناوي" رحمه الله».
وعبر الشيخ "حسان حلاوة" من لبنان الشقيق عن الفراغ الفكري والروحي الذي خلفه رحيل الشيخ بالقول: «لقد ترك المرحوم الشيخ فراغاً روحياً في نفوسنا، وفكرياً في عقولنا، حاولنا الاستفادة من صمته الذي يعبر عن علم ثاقب، ومن زهده في الارتباط بالعلم، ومن ابتسامته التسامح ونشر المحبة، ونحن في لبنان كما في سورية فقدنا مرجعاً فقهياً، ومعلماً إنسانياً، قل الزمان أن يأتي بمثله».
«يقول تعالى في محكم تنزيله: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" صدق الله العظيم»، بهذه الآية القرآنية بدأ سماحة الشيخ "حمود الحناوي" شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين كلمة مشيخة العقل والهيئة
من الجولان
الروحية وآل الفقيد قائلاً: «عندما يرحل المتميزون تلتقي المواعظ والعبر مطلقة دروس الحياة التي يعظمها الخالدون، وها نحن أمام خطب جلل اجتمعت فيه حشود المشاهدة لكي تأخذ البركة من الدرس المستفاد من خلال حياة شيخ جليل عبر الدنيا زهاء قرن ونيف على الطاعة والعبادة، فغدا العارف بالله والمجاهد بضبط النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فارتقى إلى منازل العلا، فقد عبر من خلال مسارنا التوحيدي بقوله: صفحاتنا مستمدة من سماحة الإسلام- المجاهدة، ولهذا أبى المرحوم الشيخ "أبو حسين محمد الحناوي" رحمه الله إلا اختصار المسافات والزمن بإعلان حقائق ثابتة هي المنهج المنعقد في السنة الصالحة على تحديد الورع وعلاقته مع الله سبحانه وتعالى بالطاعة والعبادة، إذ نهى نفسه بالمراجعة والاستقامة، ونهى الآخرين بالتراحم والتواصل والاحترام المتبادل منطلقاً من الدنيا الدنية والفضائل الرحمانية، هذا هو شيخنا الجليل الذي نحن بصدد تأبينه».
وتابع سماحة الشيخ "حمود الحناوي" بالقول: «نحن من جيل اكتحلت عيناه برؤية الشيخ، تعلمنا منه المسامحة والاستقامة، وإن صلاح النفس يقودنا إلى صلاح الإنسانية والوطن وسلامته، وهذا ينحصر في تربية العباد وأداء واجباتها في الحياة، وهنا تبرز الاستقامة من أجل حماية الدين والأرض والعرض، لهذا نقول له وداعاً يا شيخ الجزيرة وداعاً يا سيد العشيرة، ونسأل الله العلي القدير أن يلهمنا الصبر والسلوان وأن يتغمده بالرحمة والرضوان وأن يسكنه فسيح الجنان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله" العلي العظيم».
الجدير بالذكر أن الحفل التأبيني حضره "فضل الله
المرجعيات الروحية يتقبلون التعازي
ناصر الدين" الأمين العام للحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي والدكتور "بسام جانبيه" عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتب النقابات المهنية، و"منصور عزام" وزير شؤون رئاسة الجمهورية، و"أركان الشوفي" أمين فرع السويداء لحزب البعث العربي الاشتراكي، والدكتور "مالك علي" محافظ السويداء، وسماحة الشيخ "نصر الدين الغريب" شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في لبنان، وشيوخ عقل طائفة المسلمين الموحدين، وحشد كبير من رجال الدين الإسلامي والمسيحي، ووفود من المحافظات السورية ولبنان وفلسطين والأردن والجولان العربي السوري المحتل.