السويداء - "اللجاة"... البحر الهائج الذي تجمد فجأة |
الكاتب/ إياد حسين نعيم | ||||||||
07/12/2010 | ||||||||
هي عبارة أطلقها رحالة فرنسي أثناء زيارته لمنطقة "اللجاة"، بعد أن أدهشه سحرها، فمن يمشي على حجارتها وصخورها المرصوفة على مد النظر سيتذكر الليل والسواد الممتد إلى ما لانهاية، وقليل من الريح كافية حتى يخيل للمرء أنه أمام أمواج البحر الذي تتمايل... إنه سحر "اللجاة" الغامض
أما عن كيفية تشكل صخورها والسبب في خصوبة تربتها وغناها؟ فأضافت: «تعتبر "اللجاة" منطقة صخرية وعرة، طبيعة صخورها بازلتية ناتجة عن مقذوفات "جبل العرب" وخاصة من بركان "تل شيحان" القائم في طرفها الشرقي بارتفاع 1140 متراً، وهي تمتد من "جبل العرب" حتى شرقي الأردن على شكل مثلث متساوي الأضلاع طول ضلعه 30 كم، تنحدر حمم "اللجاة" وصباتها البركانية نحو الغرب والشمال الغربي حسب الاتجاه الذي سلكته السيول البركانية، ويخيل للمرء أنها تدير ظهرها "لوادي اللوا" والبادية في الشرق، وتنفتح نحو الجنوب والغرب والشمال، وتشير الدراسات إلى أن النشاط البركاني لم يتوقف إلا في الألف الثالث والرابع قبل الميلاد. المهندس "وسيم الشعراني" مدير دائرة الآثار في "السويداء" تحدث لموقعنا عن الصفات الجيولوجية والمناخية لمنطقة "اللجاة" بالقول: «منطقة "اللجاة" هي عبارة عن هضبة بازلتية لها شكل مثلث طول ضلعه 30 كم، بحيث تميزت السهول المحيطة بها بخصوبتها فضلاً عن صفاتها الجيولوجية الخاصة، فهي ناتجة عن انصباب الحمم البركانية حديثة (الهولسن) متفسخة، لكل نتوء طبوغرافي من 5 حتى 15م بالمقارنة مع السهل، لتشكل طبوغرافيا كثيرة الحركة أو متعاقبة، هذه البروزات الظاهرة تعيق التحركات التي ارتبطت دائماً بالدروب الحصوية والتعرجات بين الهضاب، لذلك فإن إمكانية معاينة المواقع تصبح صعبة، لم تنسكب الحمم البركانية بطريقة متجانسة لتصبح إمكانية الكشف عن الطبقات الجيولوجية القديمة (البليوسن) بعدة مناطق ممكنة، تشكل مجموعة من هذه المناطق سلسة أحواض حيث إن أرضيتها مخربة تتخللها رسوبيات بشكل واسع». النباتات المنقولة من قبل الإنسان كانت نادرة، حيث زرع السكان الحاليون ضمن العديد من التشققات الصغيرة في السهول المجاورة، عبارة عن أشجار مثمرة كالتين والرومان والزيتون، بإلاضافة إلى تربية الحيوانات باستخدام زرائب مبنية من جدران صغيرة من الحجارة وكانت زراعة الحبوب والخضراوات هي السائدة آنذاك. من جهة أخرى أظهرت مجموعة المسوح الأثرية أن هذه المنطقة عرفت عدة ينابيع، وآبار، ومستنقعات تفيض خلال فترة الشتاء، ويمكن أن ننسبها إلى طبيعة النظام المائي الخاص للمناطق ذات الحجارة البازلتية». الآنسة "ريمة شلغين" من قرية "صميد" التي تسمى "قلب اللجاة"، مهتمة بدراسة نباتات المنطقة وما تحويه من كنوز، حيث قالت لموقعنا: «نحن كبرنا بين أحضان "اللجاة" التي هي المكان الوحيد لنزهاتنا في فصل الربيع، يتحدث آباؤنا دائماً عن كنوزها الطبية النادرة وعن أعشابها التي تعتبر الأنقى والأكثر نفعاً على مستوى العالم وهذا ما أثبتته دراسات عديدة أجريت عليها، وهي غنية وأنواعها متعددة وهي تستخدم في علاجات الطب البديل وفي صناعة الكثير من الأدوية، دائماً نرافق أمهاتنا إلى "اللجاة" لجمع الأعشاب والنباتات وتجفيفها واستخدامها كبهارات تضاف إلى الطبخ، ومنها ما يستخدم كنوع من الزهورات لمعالجة الزكام والرشح وآلام السعال وغيرها من الأمراض، ومن الأنواع المعروفة "البابونج" و"الزعتر البري" و"قرص العنة" و"الهندباء" و"شقائق النعمان" و"العوينة" ومنها أيضاً "الخلة" والتي تحوي مادة "الخلين"، و"اللوف" و"الزيط"، ومن الأعشاب الحولية: القطرب" و"الجيلة" و"الدردار" و"المدادة" وغيرها الكثير .. الكثير من النباتات غير المعروفة أسماؤها أو فوائدها، ومن الحوليات المفيدة للإنسان: الرشاد" و"الخبيزة" و"الكمأة" و"العكوب". بالإضافة إلى الأشجار والشجيرات الحراجية والحيوانات التي تجد بين صخورها الملجأ الآمن لإقامتها». الجدير ذكره أن هناك جهوداً حثيثة وكثيرة بذلت للحفاظ على منطقة "اللجاة" حيث تم إعلانها محمية حراجية طبيعية بقرار صادر عن وزير الزراعة والإصلاح الزراعي حيث حددت المساحة 2000 هكتار، وحددت حدودها الأربعة وقسمت إلى ثلاث مناطق: منطقة النواة ومنطقة وقاية والمنطقة التشاركية، وبقي الأمر حتى عام 2008 حيث شكلت وزارة البيئة لجنة لجمع كافة المعلومات المتعلقة بموقع المحمية ومحيطها والمطلوبة من قبل الخبراء الدوليين، وبعد عمل استمر ستة أشهر، أثمرت الجهود أخيراً بإعلانها من قبل اليونسكو المحمية الأولى في سورية كمحمية إنسان وتنوع حيوي بتاريخ 10/2/2009 أضف الى المفضلة (0) | أضف الى موقعك | المشاهدة: 2194
|
< السابق | التالى > |
---|