

صَـوْتُ صَفِيْـرِ البُلْبُــلِ
هَـيَّـجَ قَلْبِـيَ الثَمِــلِ
الـمَاءُ وَالـزَّهْـرُ مَعَــاً
مَعَ زَهـرِ لَحْظِ الـمُقَـلِ
وَأَنْـتَ يَـاسَيِّــدَ لِـي
وَسَيِّـدِي وَمَـوْلَـى لِـي
فَكَـمْ فَكَـمْ تَـيَّمَنِــي
غُـزَيِّـلٌ عَـقَـيْـقَـلي
قَطَّفْـتُ مِـنْ وَجْـنَـتِـهِ
مِـنْ لَثْـمِ وَرْدِ الـخَجَـلِ
فَقَـالَ بَـسْ بَسْـبَسْتَنِـي
فَـلَـمْ يَجّـدُ بـالـقُبَـلِ
فَـقَـــالَ لاَ لاَ لاَ لاَ لاَ
وَقَـدْ غَـدَا مُـهَــرْولِ
وَالـخُـودُ مَالَـتْ طَرَبَـاً
مِـنْ فِعْـلِ هَـذَا الرَّجُـلِ
فَـوَلْـوَلَـتْ وَوَلْـوَلَـتُ
وَلـي وَلـي يَاوَيْـلَ لِـي
فَقُـلْـتُ لا تُـوَلْـوِلِـي
وَبَـيِّـنِـي اللُـؤْلُـؤَلَـي
لَـمَّـا رَأَتْـهُ أَشْـمَـطَـا
يُـرِيـدُ غَـيْـرَ القُـبَـلِ
وَبَـعْـدَهُ لاَيَـكْـتَـفِـي
إلاَّ بِطِيْـبِ الوَصْـلَ لِـي
قَالَـتْ لَـهُ حِيْـنَ كَـذَا
انْهَـضْ وَجِـدْ بِـالنَّـقَلِ
وَفِـتْيَـةٍ سَـقَـوْنَـنِـي
قَـهْـوَةً كَالـعَـسَلَ لِـي
شَمَـمْـتُـهَا بِـأَنْـفِـي
أَزْكَـى مِـنَ القَـرَنْـفُـلِ
فِي وَسْـطِ بُسْتَـانٍ حُلِـي
بالـزَّهْـرِ وَالسُـرُورُ لِـي
وَالـعُـودُ دَنْ دَنْـدَنَ لِـي
وَالطَّبْـلُ طَـبْ طَبَّـلَ لِـي
وَالسَّقْـفُ قَدْ سَقْسَـقَ لِـي
وَالرَّقْـصُ قَدْ طَبْطَـبَ لِـي
شَـوَى شَـوَى وَشَاهِـشُ
عَلَـى وَرَقْ سِـفَـرجَـلِ
وَغَـرَّدَ القِمْــرِ يَصِيـحُ
مِـنْ مَـلَـلٍ فِـي مَلَـلِ
فَـلَـوْ تَـرَانِـي رَاكِـبـاً
عَـلَـى حِـمَـارٍ أَهْـزَلِ
يَـمْـشِـي عَلَـى ثَلاثَـةٍ
كَـمَشْيَـةِ الـعَـرَنْجِـلِ
وَالـنَّـاسُ تَرْجِـمْ جَمَلِـي
فِـي السُـوقِ بالـقُلْقُلَـلِ
وَالكُـلُّ كَعْكَـعْ كَعِكَـعْ
خَلْـفِـي وَمِـنْ حُوَيْلَلِـي
لكِـنْ مَـشَـيـتُ هَارِبـا
مِـنْ خَشْيَـةِ العَقَنْقِــلِي
إِلَـى لِـقَــاءِ مَـلِـكٍ
مُـعَـظَّـمٍ مُـبَـجَّــلِ
يَأْمُـرُلِـي بِـخَـلْـعَـةٍ
حَـمْـرَاءْ كَالـدَّمْ دَمَلِـي
أَجُـرُّ فِيـهَـا مَـاشِـيـاً
مُـبَـغْـدِدَاً لـلـذِّيَّــلِ
أَنَا الأَدِيْـبُ الأَلْـمَـعِـي
مِنْ حَـيِّ أَرْضِ المُـوْصِـلِ
نَظِمْتُ قِطُعـاً زُخْـرِفَـتْ
يَعْجِـزُ عَنْـهَا الأَدْبُ لِـي
أَقُــوْلُ فِـي مَطْلَعِهَــا
صَـوْتُ صَفيـرِ البُلْبُــلِ
فلم يحفظها المنصور لصعوبتها ، ونظر إلى المملوك وإلى الجارية فلم يحفظها أحد منهما
فقال: يا أخا العرب هات الذي هي مكتوبة فيه نعطك زنته
فقال: يا مولاي إني لم أجد ورقاً أكتب فيه وكان عندي قطعة عمود رخام من عهد أبي وهي ملقاةٌ ليس لي بها حاجة ، فنقشتها فيها، فلم يسع الخليفة إلا أنه أعطاه وزنها ذهباً فنفد ما في خزينته من المال ، فأخذه وانصرف
فلما ولى قال الخليفة: يغلب على ظني أن هذا الأصمعي، فأحضره وكشف عن وجهه فإذا هو الأصمعي فتعجب منه ومن صنيعه وأجازه على عادته
فقال الأصمعي: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء فقراء وأصحاب عيال وأنت تمنعهم العطاء بشدة حفظك وحفظ هذا المملوك وهذه الجارية، فإذا أعطيتهم ما تيسر ليستعينوا به على عيالهم لم يضرك شيئا