شخصيات خلدها التاريخ
نيرون الرجل الذي أحرق شعبه
لو كان لكتاب التاريخ يد لكان مدها ليمحى بها صفحات من الوحشية والقسوة سطرها فيه العديد من الطغاة والظالمين، فلا يشرف التاريخ إطلاقا بانضمام أشخاص استعملوا نفوذهم كحكام وأباطرة للدول في تعذيب شعوبهم وإذاقتهم ويلات الظلم والقهر.
وبالنظر إلى صفحات التاريخ نجد بعضها يقطر دماً وتتصاعد منه أهات وأنين، ومن هذه الصفحات المؤلمة تطل علينا شخصية نيرون الإمبراطور الروماني الذي لم يدخر جهداً في تعذيب أبناء شعبه وقتل القريب منه والبعيد، وماذا ننتظر من شخص قتل أمه ومعلمه؟.
النشأة
ولد نيرون عام 37م بأنتيوم والده هو جناوس دوميتيوس أهينوباريوس كان من طبقة النبلاء بروما أما والدته فهي أجربينا الصغرى حفيدة الإمبراطور أوغسطس، والتي من الممكن أن يكون نيرون قد ورث عنها ميوله الوحشية.
توفى والده عندما كان نيرون ما يزال طفلاً صغيراً فقامت والدته بالزواج من الإمبراطور كلوديوس عام 49م، وبعد زواج أجربينا وكلوديوس قام الأخير بتبني نيرون فجعله كابن له وأطلق عليه اسم نيرون كلوديوس دوق جرمانكوس، كما تزوج نيرون من أوكتافيا ابنة كلوديوس.
نيرون إمبراطورا
صعد نيرون إلي عرش روما وهو في الخامسة عشر من عمره، وبدأ منذ هذه اللحظة سلسلة من الأحداث المتتابعة فلم يصعد نيرون إلى العرش لأنه يستحقه أو لأنه ابن للإمبراطور السابق، بل لقد قامت والدته بدس السم لكلوديوس لكي يعتلي أبنها العرش.
كانت السنوات الأولى التي أعتلى فيها نيرون عرش الإمبراطورية الرومانية سنوات معتدلة تميزت بالاستقرار النسبي، وقد أرجع البعض هذا نظراً لوجود معلمه " سينيكا" بجواره يوجهه ويرشده، هذا المعلم الذي اعتنى بالقيم والأخلاق وترويض النفس، ولكن دوام الحال من المحال فما لبث أن قام نيرون بإتباع أساليب عديدة من العنف والجور والظلم لأبناء شعبه فقتل وعذب وقهر.
تساقط القتلى
تبع صعود نيرون إلى عرش الحكم تحوله إلى الظلم والقهر، وبدأت معاناة الشعب ولم يقتصر هذا على الشعب فقط بل امتدت يده لتبطش بأقرب الناس إليه فقتل أمه ومعلمه "سينيكا" كما قتل زوجته أوكتافيا، وأخاه، وانتقلت يده لتقتل بولس وبطرس الرسولين المسيحيين زيادة في بطشه وظلمه وطغيانه.
قيل في إحدى الروايات عن قتله لزوجته أوكتافيا أنه عندما كان يؤدي دوراً في مسرحية وكان يمسك بيده صولجاناً فسقط من يده، وقامت زوجته بمدح أدائه في المسرحية ولكنها علقت بقولها " ولكن لو أنك لم تسقط الصولجان" وكانت هذه الجملة هي نهاية أوكتافيا فبادر نيرون بقتلها، وكانت المسكينة أوكتافيا عبرة لغيرها فلم يستطع أحد بعدها أن ينتقد أي عمل يقوم به نيرون.
وعن السبب الذي دفعه لقتل معلمه قيل أن " سينيكا" كان فيلسوف روماني شهير له شعبيته بين الشعب وكان المعلم الخاص لنيرون ومستشاره المخلص فعمل على تقويمه وكبح جماح وحشيته، ولكن ألتف المرابين حول نيرون وتحولت أخلاقه من سيء إلى أسوء، فأكثر "سينيكا" من توبيخه محاولاً تعديله وتقويمه دون فائدة، وفي النهاية ضاق نيرون من معلمه ونصائحه المستمرة له، كما أوشى له البعض بضرورة التخلص من "سينيكا" خاصة لما كان له من تأثير قوي على الشعب الذي كان يلتف حوله فوجب إسكاته، وبالفعل عقد نيرون العزم على قتله ولما علم "سينيكا" بهذا فضل أن يقتل نفسه على أن يتم قتله على يد هذا الطاغية.
حريق روما
جاء انتشار الديانة المسيحية في روما لتكون سبباً أخر في زيادة ظلم نيرون، خاصة عندما وجد أن كثير من الشعب قد دخل إلى المسيحية، وجاء التاريخ ليدون واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت فيه وهي حريق روما الشهير عام 64م، حيث عمل على زيادة تعذيب الشعب وجاءت أبشع صور طغيانه لتضيف جريمة جديدة لتلك التي فعلها في حياته حيث قام بإشعال النار في روما وجلس متفرجاً، متغنياً بأشعار هوميروس ومستعيداً لأحداث طروادة، وانتشرت النيران في أرجاء روما واستمرت مندلعة لأكثر من أسبوع حاصدة معها أرواح البشر من رجال ونساء وأطفال، كما زاد في جوره وطغيانه للمسيحيين ولم يترك أي وسيلة لتعذيبهم إلا وفعلها.
بعد حريق روما وتصاعد النبرة الغاضبة الكارهة له سواء من شعبه أو من باقي ملوك أوربا، مشيرة إلى أنه السبب وراء هذا الحريق الهائل، عمد إلي إيجاد ضحية جديدة ليفتدي بها نفسه فكان عليه أن يختار ما بين اليهود والمسيحيين، وبما أن اليهود كانوا تحت حماية بوبياسبينا إحدى زوجات نيرون، فلم يتبق لديه سوى مسيحي روما فألصق تهمة الحريق بهم، فسفك دمائهم وعمد إلى اضطهادهم، وحشد الشعب من أجل هدف واحد وهو قتل المسيحيين وتعذيبهم في مشاهد دموية وحشية بشعة.
لكل ظالم نهاية
لكل ظالم نهاية وكثرة الظلم تولد الثورات، فاجتمع العديد من الناس ورجال المملكة على عزل نيرون، فتم عزله وحكم عليه بالقتل ضرباً بالعصى، وشاءت الأقدار أن اليد التي امتدت لتقتل وتبطش هي نفس اليد التي تلتف وترتد لصاحبها مرة أخرى لتقتله، فقد أبى نيرون على نفسه أن يقتل بيد شعبه فقتل نفسه، وقيل في بعض الروايات أنه أمر كاتم أسراره بقتله، وقيل أيضاً أن الجنود انقضوا عليه فقطعوه بسيوفهم قطعاً، فكانت وفاته عام 68م.
مبارك أحد رواد التعليم في مصر
علي باشا مبارك أحد الأعلام الهامة بجمهورية مصر العربية والذي كان له دور أساسي في النهضة التعليمية بمصر، هذا بالإضافة لتأليفه للعديد من الكتب التي أثرت المكتبة العربية، وقد تم إطلاق اسم " أبو المعارف المصرية" عليه.
النشأة
ولد علي مبارك عام 1824م بقرية برنبال الجديدة من أعمال مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، لعائلة كريمة متوسطة الحال، والده هو الشيخ مبارك بن سليمان بن إبراهيم الروجي، تلقى مبارك تعليمه الابتدائي في كتاب القرية، ونظراً لتفوقه تم اختياره للتعلم في المدرسة الجهادية بالقصر العيني، ثم التحق بالمدرسة التجهيزية بأبي زعبل، التحق بعد ذلك في عام 1839م بمدرسة المهندسخانة، وقد تلقى مبارك في هذه المدرسة العديد من العلوم مثل الميكانيكا، الديناميكا، الهيدروليكا، الطبوغرافيا، الفلك، الكيمياء، الجيولوجيا.
عقب تخرجه عام 1844م، ونظراً لتفوقه ونبوغه تم اختياره للسفر في بعثة دراسية إلى فرنسا بمرافقة أنجال محمد علي باشا ومجموعة من الطلاب النابغين، وفي فرنسا قام مبارك بدراسة العلوم العسكرية لمدة خمس سنوات، فألتحق بالمدرسة المصرية الحربية بباريس، أعقبها بدراسة المدفعية والهندسة الحربية بكلية متز، ثم جاءت مرحلة من التدريب بالجيش الفرنسي، وعقب وفاة محمد علي باشا 1848م، تم استدعاء البعثة فعادوا إلى مصر.
المجال العملي
في عهد عباس باشا بدأ على مبارك مشواره العملي كمعلم بمدرسة المدفعية بطرة، ثم رقي إلى وظيفة مراقب على امتحانات الهندسة بالأقاليم، كما تم تكليفه من قبل عباس الأول هو وشخصين آخرين بمشروع لتنظيم ديوان المدارس، فكلف مبارك بنظارة المدارس والعمل على تنفيذ المشروع والإشراف عليه، وبالفعل نفذ المشروع على أحسن وجه فقام مبارك بإعادة ترتيب ديوان المدارس وعين المدرسين، كما شارك في تأليف عدد من الكتب الدراسية، وقام بتدريس عدد من المواد وغيرها من الأمور التي تعمل على الارتقاء بالتعليم في مصر.
وعند تولي سعيد باشا الحكم عام 1854م، قام بعزل علي مبارك وأرسله مع الجيش المصري إلى حرب القرم، ومكث هناك قرابة العامين، وبعد عودته لمصر تم تعينه وكيلاً في نظارة الجهادية، ثم مهندس مقيم لجزء من مصر العليا، كما ساهم في تعليم الضباط.
ومع تولي إسماعيل باشا مقاليد الحكم في مصر 1863م، عين مبارك مشرفاً على القناطر الخيرية، وتولى مسئولية إعادة توجيه مياه النيل من فرع رشيد، كما تم تكليفه من قبل إسماعيل باشا بمشروع معماري يهدف على إعادة تنظيم مدينة القاهرة، هذا المشروع الذي عمل مبارك على تنفيذه ببراعة فشقت الطرق الواسعة وخططت الميادين وشيدت المباني، ومازال وسط القاهرة يحمل ملامح هذا التخطيط الذي قام به.
هذا بالإضافة لقيام الخديوي بتكليفه بتمثيل مصر في النزاع الناشئ بين كل من الحكومة المصرية وشركة قناة السويس، فحقق النجاح في فض هذا النزاع، ليثبت مبارك مرة بعد أخرى تفوقه وتميزه.
تم تعينه بعد ذلك وكيلاً عاماً لديوان المدارس، مع استمراره في عمله كناظر على القناطر الخيرية، ثم ناظراً للمعارف عام 1868م، وناظراً للأشغال العمومية ، ثم تولى نظارة عموم الأوقاف.
جهوده في النهضة التعليمية
ظهر علي مبارك في عصر كانت الدولة المصرية فيه تنتقل إلى مرحلة أخرى أكثر تقدماً، حيث كان حاكم مصر محمد علي باشا عاكفاً من اجل إجراء إصلاحات شاملة في كافة المجالات والتي كان التعليم أحد أركانها الأساسية، فعمل على إنشاء المدارس وإرسال البعثات التعليمية إلى أوروبا، وظهر عدد من رواد النهضة التعليمية في ذلك الوقت مثل علي مبارك ورفاعة الطهطاوي الذين اخذوا على عاتقهم مهمة الارتقاء بالتعليم في مصر.
كان مشروع علي مبارك والذي عرف " بلائحة رجب" هو أول المشاريع الفكرية التي ظهرت عام 1868م، ويرجع تسمية المشروع بهذا الاسم نسبة إلى شهر رجب الذي انطلق فيه هذا المشروع، والتي تحددت أهدافه في نشر الكتاتيب في مصر وزيادة عدد المدارس الابتدائية، كما اهتم مبارك بإعداد المعلم، فطالب بإنشاء " مدرسة العلوم" عام 1872م، والتي هدفت إلى تخريج أساتذة للغة العربية والآداب للمدارس الابتدائية، كما قام بتأسيس دار الكتب عام 1870م، وأنشأ مجلة " روضة المدارس" على نفقة وزارة المعارف، كما اهتم بالتعليم الفني فتم إنشاء عدد من المدارس الفنية فتم إنشاء مدرسة التلغراف ومدرسة المساحة.
مؤلفاته
قدم على مبارك للمكتبة العربية العديد من المؤلفات الهامة والتي نذكر منها موسوعة " الخطط التوفيقية الجديدة" والتي تتألف من عشرين جزء قام المؤلف بتقسيمها إلى الستة أجزاء الأولى للقاهرة، والجزء السابع لمدينة الإسكندرية والأجزاء الأخرى تتناول باقي المدن المصرية ويعتبر هذا الكتاب مرجعاً تاريخياً وجغرافياً للباحثين نظراً لتناوله المدن المصرية منذ العصور القديمة مروراً بوصف لمساجدها وزواياها وكنائسها وغيرها.
كما ألف كتاب " تنوير الأفهام في تغذى الأجسام " تم طبعه عام 1872م، و كتاب " نخبة الفكر في تدبير نيل مصر "، "علم الدين "، وكانت أخر مؤلفاته كتاب " آثار الإسلام في المدينة والعمران "، هذا بالإضافة لعدد من الكتب المدرسية مثل تقريب الهندسة، حقائق الأخبار في أوصاف البحار، تذكرة المهندسين، الميزان في الأقيسة والأوزان.
الوفاة
توفي على باشا مبارك في 14 نوفمبر عام 1893م في منزله بمنطقة الحلمية الجديدة، متأثراً بالمرض، بعد حياة حافلة قضى جزء كبير منها في التفاني من أجل نهضة بلده.
هوميروس ملحمة من الغموض
شاعر إغريقي شهير وأحد أعلام الأدب في العصور التاريخية القديمة، احتل هوميروس مكانة عظيمة عند شعبه، فيعد رمزاً للوطنية ومصور للتاريخ اليوناني القديم، وهوميروس هو صاحب الملحمتين الشعريتين الإلياذة والأوديسا" واللتين حصل بهما هوميروس على لقب" صاحب أعظم الملاحم البطولية في التاريخ"، هذا على الرغم من الغموض الذي يحيط به.
قال أفلاطون عنه إن من بين الإغريق من يعتقد اعتقاداً راسخاً أن "هوميروس يستحق أن ينظر إليه كمعلم في مجال إدارة الشئون الإنسانية وتهذيبها، وأن على المرء أن ينسق حياته كلها مترسماً خطى هذا الشاعر".
ظهر الكثير من الجدل والخلاف حول هوميروس في نشأته وحياته بل أن البعض يشكك في وجوده أصلاً ويقال إنه ربما يكون شخصية أسطورية، كما شكك البعض الأخر في إذا ما كانت الملحمتين الشعريتين منسوبتين إليه بالفعل أم لأخرين، ولكن على الرغم من هذا تبقى الإلياذة والأوديسا شاهدتين على أديب عبقري جسد بهما العديد من الأحداث التاريخية الهامة.
عرفت أشعار هوميروس بتأثيرها البالغ في الأدب والثقافة والتربية، والتي أصبح ينظر إليها على أنها أساس للأخلاق ومعين للعلم والمعرفة، عمل هوميروس على التدقيق والتهذيب في أساليبه الشعرية مما جعله دائم الارتقاء بها وقد ظهر هذا في ملحمتيه الشعريتين الخالدتين " الإلياذة والأوديسا" وهما عبارة عن قصتين شعريتين تمكن بهما هوميروس من احتلال مكانة بارزة في الأدب العالمي.
حياته
تعددت آراء العلماء حول نشأة هوميروس فلا أحد يعلم على وجه الدقة شيء عن حياة هذا الشاعر، فمنهم من يرجع نسبه إلى عدد من الآلهة الإغريقية القديمة، ومنهم من يرجع نسبه إلى عائلة متواضعة الحال ومن المرجح أن هذا الجدل قد نشأ حوله نتيجة لأنه لم يكن مثل باقي الشعراء الذين يذكرون شيئاً من حياتهم في قصائدهم الشعرية، مما أفسح المجال أمام العديد من العلماء لكي يحيكوا القصص المختلفة حول نشأته وحياته.
يقال إن هوميروس قد مال في الصغر إلى سماع القصائد وحفظ الأناشيد، وأنه بدأ يتغنى بشعره فتم رفضه في بداية الأمر وذاق مرارة الفقر، ثم نبغ بعد ذلك وزاد إتقانه للأدوات الشعرية فوجد الاستحسان والقبول من طبقة الأثرياء التي تنافست لدعوته للقصور من اجل التغني بأمجادهم والإشادة بتاريخهم هم وأسرهم وأبطالهم، ومن خلال ذلك تنقل هوميروس بين العديد من المدن الأمر الذي جعله يجمع قدر كبير من الثقافات والمعرفة عن عادات ومعتقدات مختلفة، مما جعل عنده رصيد ضخم من المعلومات والذي ساعده بعد ذلك على نظم العديد من القصائد التي تخلد المواقف والأحداث التاريخية.
وتشير عدد من الروايات أن هوميروس كان ضريراً أو أنه كان مبصراً وفقد بصره بعد ذلك، كما يقال إنه عاش عمراً طويلاً ومات بجزيرة تدعى "ايوس".
اختلاف بين العلماء
اختلف العلماء في العصر الذي وجد به هوميروس فقال هيكاتيوس والذي يعد أول مؤرخ يوناني "أن هوميروس عاصر الحرب الطروادية والتي قام بوصف أحداثها، ويدل هذا على أنه ازدهر في منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد"، ولكن جاء هيرودت مخالفاً لهذا الرأي مؤكداً أن هوميروس ظهر في منتصف القرن التاسع، ثم ظهر رأي آخر جاء به السفسطائي "ثيوبوميوس" وجعله معاصراً للشاعر الهجائي أرخيلوخوس والذي ذاعت شهرته في منتصف القرن السابع قبل الميلاد وبالتالي كان لكل من المؤرخين الثلاثة رأياً مختلفاً عن الأخر.
ولكن جاءت الأبحاث بعد ذلك مؤيده لرأي هيرودت فعندما تم دراسة لغة هوميروس وجدوها لغة القرنين التاسع والثامن ق.م وليست لغة العصر الموكيني التي كانت ضاربة في القدم وتضم العديد من الألفاظ النادرة والكلمات العتيقة الغير مألوفة، كما أنها لم تكن لغة الشعر الغنائي والتي تمتلئ بالحركة لتوافق الألحان الموسيقية، وكانت نتيجة هذه الدراسات أن هوميروس عاش في أواخر القرن التاسع ق.م بعد انتهاء حرب طروادة وقبل ازدهار الشعر الغنائي بقرون، فقام بوصف أحداث هذه المعركة بناء على الروايات التي سمعها والآثار التي شاهدها في ربوع اليونان، ثم قام بوصف الأحداث في لوحات تصور المجتمع الذي عاش فيه، والحضارات التي عاصرها، فقام بتسجيل حياة اليونانيين فيما بين القرن الثاني عشر وأوائل الثامن قبل الميلاد وقام بعرضها في أسلوب قصصي روائي يمزج بين الواقع والأسطورة.
الأدب اليوناني وملحمتي هوميروس
عرف الأدب اليوناني كأقدم أنواع الأدب وأكثرها تأثيراً في النواحي الثقافية والأدبية في العالم أجمع، وقام الكتاب الإغريق بالتعرض لكافة الأشكال الأدبية والشعرية فقاموا بتسجيل الشعر الغنائي، والملحمي، والمسرحيات الهزلية، والرسائل الأدبية وسير البطولات، وكان الشعر الملحمي أكثر الأشكال الأدبية المميزة في الأدب اليوناني والذي كان هوميروس من أبرز رواده فقدم أبرز ملحمتين في التاريخ وهما الإلياذة والأوديسا .
قام هوميروس في الإلياذة بالتعرض لحروب طروادة بأسلوب شعري دقيق وسهل واصفاً العمل الملحمي بدقة مستخدماً التشبيه، والصور البلاغية الرائعة فكان متمكناً من أدواته الشعرية مما جعله يعرضها بشكل متميز، وفي الأوديسا قام بسرد مغامرات البطل الإغريقي " أوديسيوس" وهو عائد إلى وطنه بعد سقوط طروادة.
خالد بن الوليد سيف الله المسلول
خالد بن الوليد قائد إسلامي عظيم كان من المجاهدين المسلمين الذين عاصروا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وأطلق الرسول عليه لقب سيف الله المسلول، كانت بدايته في الجاهلية حتى من الله سبحانه وتعالى عليه بنعمة الهداية، فدخل إلى الإسلام بعد غزوة الأحزاب، وبعد إسلامه قاتل بسيفه أعداءه من المشركين والمنافقين كان قائداً حربياً لا يشق له غبار، وتولى قيادة الجيش الإسلامي في العديد من المعارك الهامة والتي كللت بالنصر من عند الله.
قال عنه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام " ما مثل خالد من جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له ولقدمناه على غيره"، وبعد الإسلام قال عليه الصلاة والسلام" الحمد لله الذي هداك ، لقد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير" .
النشأة
هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، أبو سليمان، ولد عام 584 م لعائلة رفيعة النسب فكان والده الوليد بن المغيرة أحد أشراف وأثرياء قريش، تدرب خالد منذ الصغر على الفروسية وأظهر فيها الكثير من البراعة حتى أصبح فارساً عظيماً لا يشق له غبار، فكان واحداً من ألمع قادة فرسان قريش، كما تولي مهمة "القبة والأعنة" وراثة عن أبيه.
حارب خالد بن الوليد أولاً ضمن صفوف المشركين ضد المسلمين فخاض عدد من الغزوات ضد المسلمين كأحد القادة المشركين المعادين للإسلام، بل لقد كان صاحب الفضل في تحويل نصر المسلمين في غزوة أحد إلى هزيمة بعد أن هاجم الجيش الإسلامي من الخلف وذلك بعد أن تخلى الرماة عن مواقعهم، وقاتل قتالاً شرساً ضد المسلمين هذا إلى النقيض تماماً مما حدث بعد إسلامه فقد قاتل بعد ذلك في سبيل الله قتالاً رائعاً استبسل فيه واستدعى جميع مهاراته كفارس فكانت له العديد من الانتصارات والبطولات في المعارك التي خاضها لصالح المسلمين.
إسلامه
قام بإعلان إسلامه في العام الثامن للهجرة وذلك قبل فتح مكة بستة أشهر وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين، وقد أعلن إسلامه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كل من عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، ومنذ أن أعلن إسلامه لم يرفع خالد بن الوليد سيفه قط سوى لنصرة الإسلام والمسلمين فكان نعم القائد والفارس الشجاع الذي مكنه الله من تسليط سيفه على رقاب المشركين فكان يعود له هذا السيف بالنصر والعزة للإسلام، وقد أطلق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقب " سيف الله المسلول"، مما قاله رسول الله عن إسلامه " الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير".
أخلاق الفرسان
توفى أبو بكر الصديق رضي الله عنه واستخلف عمر بن الخطاب مكانه خليفة للمسلمين، ولما علم خالد بذلك لم يخبر احد حتى لا يحدث توتر وهرج في صفوف المسلمين، ومضي يضرب بسيفه يميناً ويساراً في صفوف الروم ويستحث الرجال على الإقدام والقتال حتى تحقق النصر للمسلمين وتقهقر جيش الروم مهزوماً مخذولاً.
وبعد وفاة أبي بكر وتولي عمر الخلافة أمر بتولية أبي عبيدة بن الجراح إمارة جيش المسلمين بدلاً من خالد بن الوليد، وعلى الرغم من هذا لم يقابل خالد هذا الأمر بالغضب أو الضيق بل سلم أبي عبيدة قيادة الجيش كما أُمر وهذا إن دل فإنما يدل على أخلاق عظيمة تمتع بها هذا الفارس المسلم العظيم الذي كان دائماً يؤثر رفعة الإسلام ونصره وإطاعة الخليفة عن أي أطماع شخصية قد تطول غيره، وبعد أن تسلم أبي عبيدة قيادة الجيش قاتل خالد بن الوليد في جيش المسلمين كجندي مخلص ينفذ أوامر قائده.
وفاة الفارس
توفى خالد بن الوليد عام 642م هذا البطل، والفارس المسلم الذي أسلم بعد أن كان مشركاً فأمن بالله والرسول ورفع سيفه من أجل نصرتهم فكان سيفه يرد إليه بالنصر وعلى الرغم من كثرة الحروب التي خاضها إلا أن وفاته لم تكن في أي من هذه المعارك بل جاءته وهو في فراشه وقال في هذا "ما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".
رحم الله خالد بن الوليد ورضي عنه وعن غيره من المسلمين الذين لم يدخروا جهداً من أجل نصرة دينهم والدفاع عنه، وجزاه خير الجزاء عن المسلمين.
هتلر النازي الذي ارتبط به تاريخ ألمانيا
أدولف هتلر زعيم ألماني تناولته كتب التاريخ كأحد القادة العسكريين البارزين، حيث قاد ألمانيا في عدد من الحروب، وتمكن من النهوض بها مرة أخرى بعد السقوط الذي تعرضت له بعد الحرب العالمية الأولى، وتولى قيادتها في الحرب العالمية الثانية، تمتع هتلر بذكاء حاد وقدرة خطابية عالية وهو الأمر الذي أهله لتكوين إمبراطورية قوية، هذا على الرغم من الإخفاق الذي تعرض له في أخر الأمر وقيامه بالانتحار.
النشأة
ولد هتلر في 20 إبريل عام 1889م لوالدين ينتميان إلى الطبقة المتوسطة، كان والده يعمل كموظف صغير بالجمارك وكان على خلاف دائم مع هتلر ،وكان يعارض التحاقه بمدرسة الفنون، فكان والده يريده أن يصبح موظفاً حكومياً، و لم يعلمه والده بعد ذلك هو أن ولده لم يحقق كلا الأمرين حيث اختار لنفسه طريقاً ثالثاً ليس له أي علاقة بالفن أو بالوظيفة الحكومية، توفي والده في عام 1903 ومن بعده والدته في عام 1907، وبعد وفاتهما قرر هتلر الرحيل إلى فيينا من أجل دراسة الرسم هذه الهواية التي عشقها منذ الصغر، ولكن لم يتحقق له ما كان يرجوه حيث تم رفض طلبه للالتحاق بمدرسة فيينا للفنون الجميلة.
في الفترة التي قضاها هتلر في فيينا تأثر كثيراً بالفكر المعادي للسامية وذلك بسبب الوجود المكثف لليهود بالمدينة، فتنامت لديه مشاعر الكره والحقد عليهم لأقصى درجة.
هتلر والجيش
قام هتلر بالانتقال إلى مدينة ميونخ وذلك للهرب من التجنيد الإلزامي في الجيش ولكن تم إلقاء القبض عليه بواسطة الجيش النمساوي وبالكشف عليه أتضح أنه غير لائق صحياً.
وعلى الرغم من فرار هتلر السابق من الالتحاق بالجيش إلا أنه قرر التطوع في الجيش البافاري أثناء الحرب العالمية الأولى فعمل به كساعي بريد عسكري، وبذل هتلر الكثير من الجهد والتفاني في عمله ولكنه وعلى الرغم من تفانيه وتعرضه الدائم للخطر عند نقل الرسائل إلا أنه لم يحصل على أي ترقيات، حيث قيل عنه في أحد التحاليل النفسية انه "مضطرب عقلياً وغير مؤهل لقيادة جمع من الجنود" كان هتلر يؤمن دائماً بقوة الجيش الألماني كما عرف بوطنيته الشديدة وتحمسه للجيش الألماني لذلك لم يستوعب الهزيمة والاستسلام الذي تعرض له في الحرب العالمية الأولى، وكان هذا الخبر من أشد الأخبار التي وقعت عليه قسوة.
ظل هتلر جندي في الجيش الألماني ،وأصبح عمله متمثلاً في قمع الثورات الاشتراكية التي تتقد من آن لآخر في ألمانيا، قام بعد ذلك بالانضمام إلى دورات معدة من "إدارة التعليم والدعاية السياسية" وكانت المهمة الأساسية لهذه الإدارة هي الدراسة والتعرف على الأسباب التي أدت إلى هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وأدت هذه الدراسة في نهاية الأمر إلى إلقاء اللوم على كل من اليهود والشيوعيين وغيرهم.
وأصبح هتلر هو المسئول الرسمي عن إلقاء الخطب في الجنود والتي تحفزهم على كره اليهود وجعلهم سبب رئيسي في هزيمة ألمانيا في الحرب.
بداية جديدة
قام هتلر في عام 1919 بالالتحاق بحزب العمال الألماني الوطني، وفي العام التالي تم تسريحه من الجيش حيث تفرغ للعمل الحزبي، وظل هتلر يعمل بالحزب بمنتهى العزم والقوة حتى تمكن من رئاسته وقام بتغيير اسمه إلى حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني، واتخذ الحزب الصليب المعقوف شعاراً له وللنازية.
بوصول هتلر إلى زعامة الحزب النازي وصل إلى قمة الهرم السياسي لألمانيا وقد وجد الدعم المباشر من أجهزة الإعلام التي أخذت على عاتقها مهمة الترويج للحزب، وذلك من اجل أن يحصد التأييد الشعبي لسياسته فتم التعامل معه كمنقذ لألمانيا من الكساد الاقتصادي التي تعرضت له بعد الحرب العالمية الأولى، وأيضاً كحامي للبلاد من الخطر اليهودي.
مما قاله في كرهه لليهود" يجب أن نقضي على الحقوق المتاحة لليهود بصورة قانونية مما سيؤدّي إلى إزالتهم من حولنا بلا رجعة".
الحاكم الجديد
تمكن هتلر بشكل أو بأخر من أحكام قبضته على مقاليد الحكم بالبلاد، وكان يعمل على فرض سياسته حتى وأن لاقى معارضة، فكانت سياسته تعتمد على قدر كبير من العنف والقوة من خلال الجستابو، وسياسة التهجير ومعسكرات الإبادة.
وبعد أن توفى رئيس الدولة هيندينبيرغ في الثاني من أغسطس 1934 قام هتلر بدمج مهامه السياسية كمستشار لألمانيا ورئيس للدولة، وبدأت مرحلة جديدة من التاريخ الألماني بعد أن تربع هتلر على كرسي السلطة وكانت البداية مع اليهود الذي حرمهم من حق المواطنة الألمانية، وفصلهم من أعمالهم الحكومية ومحلاتهم التجارية، بالإضافة لتميزهم عن طريق إجبار كل يهودي على وضع نجمة صفراء على ملابسه، وغادر من ألمانيا حوالي 180 ألف يهودي، وعلى الرغم من السياسات القاسية التي أتبعها هتلر إلا أن البلاد شهدت في عصره نهضة اقتصادية شاملة فقد التحق جميع الألمان بالعمل ولم يعد هناك وجود لأي عاطل، وتم بناء وتحديث السكك الحديدية والجسور والشوارع وغيرها العديد من الإصلاحات الأخرى.
بداية أم نهاية
هتلر وموسوليني
اتجه هتلر نحو إنشاء وبناء جيش قوي مدعم جواً وبحراً فقام بتجديد العمل بنظام التجنيد الإلزامي وضرب بمعاهدة فرساي عرض الحائط في عام 1935م، كما قام باحتلال أرضي الراين وهي المنطقة المنزوعة السلاح، وأرسل قوات ألمانية لأسبانيا من أجل مناصرة الثائر "فرانسيسكو فرانكو" على الحكومة الأسبانية، وعلى الرغم من هذه الانتهاكات المتوالية التي قام بها هتلر ضد معاهدة فرساي إلا أن كل من فرنسا وبريطانيا لم يحركوا ساكناً في بادئ الأمر.
وفي الخامس والعشرين من أكتوبر 1936م بدأ هتلر في التجهيز من أجل توسعة الرقعة الألمانية وفرض سيطرتها على العالم فعمل على عقد اتفاق تحالف مع الزعيم الإيطالي موسوليني، وضم هذا التحالف بعد ذلك اليابان وهنغاريا، رومانيا، بلغاريا، النمسا وعرف هذا التحالف باسم دول المحور، وفي الخامس من نوفمبر عام 1937م أعلن هتلر صراحة عن خطته في توسيع ألمانيا، وبالفعل وصل إلي قلب العاصمة التشيكية براغ في 10 مارس 1939م في تحدي جديد لكل من فرنسا وبريطانيا، ثم عقد اتفاقاً مع الاتحاد السوفيتي متمثلاً في الزعيم ستالين عرفت بمعاهدة "عدم الاعتداء" في 23 أغسطس 1939م، مستغلاً الخلاف الناشب بين كل من الاتحاد السوفيتي وكل من بريطانيا وفرنسا.
أعلن بعد ذلك كل من الجانب الإنجليزي والفرنسي الحرب على ألمانيا وبدأت الحرب العالمية الثانية والتي أذاقت العديد من الدول ويلاتها.
بدأ هتلر بعد ذلك حملته في التوسع فقام بغزو بولندا واكتسح كل من النرويج والدنمارك واحتل بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج ومعظم فرنسا ففي أقل من عام خضعت ثلاثة أرباع فرنسا للقوات الألمانية وذلك عام 1940م.
استمر الألمان في تقدمهم وإحراز الانتصارات المتوالية فقاموا بغزو كل يوغسلافيا واليونان، واتجه الجيش الألماني نحو شمال إفريقيا، امتدت أطماع هتلر بعد ذلك وتعاظمت حتى أنه قرر أن ينقض معاهدة " عدم الاعتداء" التي عقدها مع الإتحاد السوفيتي واتجه لغزو روسيا وبالفعل تمكن من فرض السيطرة الألمانية على جزء كبير من الأراضي الروسية، وبدأ في التوجه نحو العاصمة موسكو ولكن لم يتمكن الجيش الألماني من مواصلة التقدم نظراً للانخفاض الشديد في درجات الحرارة الأمر الذي أعاق الجيش من التقدم وكانت موقعة ستالينجراد أول هزيمة تكبدتها جيوش هتلر، ثم توالت الهزائم على الجيش الألماني حيث قامت القوات الإنجليزية بهزيمة الألمان في موقعة العلمين.
بعد الانتصارات المتوالية التي حققها هتلر من بداية الحرب إلا أن دوام الحال من المحال فقد توالت الهزائم وزحف الضعف إلى الجيش والاقتصاد الألماني على حد سواء وعلى الرغم من ظهور العديد من المؤشرات التي تدل على قرب الانهيار إلا أن هتلر أصر على المواصلة حتى النهاية، فأعلن الحرب أيضاً على الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1941م وهو الأمر الذي وضعه أمام كل من الاتحاد السوفيتي، وبريطانيا وأمريكا والتي كانت تشكل كل واحدة منهم قوة منفردة، فكان هتلر بهذا التحدي قد أعلن نهايته وهو ما حدث فعلاً فقد بدأ الحلفاء الزحف من أجل تحرير الأراضي الواقعة في القبضة الألمانية فتم إخلاء الأراضي الروسية من الألمان، وبدأت الانتصارات المتوالية للحلفاء وتقهقرت القوات الألمانية، ومع النهاية أمر هتلر بتدمير المصانع وخطوط المواصلات والاتصالات وقام بتعيين هينريك هملر زراعه اليمنى مستشاراً لألمانيا، ومع زحف القوات الروسية إلي برلين أقدم هتلر على الانتحار هو وعشيقته إيفا بيرون في الأول من مايو 1945م، وبذلك كانت النهاية لواحد من أشهر القادة العسكريين الذي سعى من أجل فرض سيطرته على العالم ولكن توج فشله بالانتحار في النهاية.
المؤلفات
صدر له كتاب بعنوان "كفاحي" والذي قام فيه بعرض آرائه ونظرياته في الاشتراكية وفي غيرها من الأمور، وكتاب أخر باسم "الكتاب الثاني" يقال إنه الجزء الثاني أو تكملة الكتاب الأول " كفاحي"، وهذا الكتاب الثاني لم يظهر إلا بعد وفاة هتلر على شكل مسودة وتم نشره في عام 1961م، كما كتب العديد من المقالات النازية لصحيفة الحزب النازي "فويكشر بأوباختر".
الظاهر بيبرس
الظاهر بيبرس هو أحد الحكام الذين تمكنوا من سطر سيرتهم في التاريخ بخطوط بارزة، بما قاموا به من إنجازات عديدة، وعلى الرغم من بعض التحفظات في شخص هذا الحاكم إلا أنه كان صاحب الفضل في تغيير وجه مصر حيث قام بالعديد من الإنشاءات والتطورات التي ساهمت في رفع مكانة الدولة ومازال التاريخ يذكرها جيدا وينسب الفضل في وجودها إليه.
وما تزال العديد من المعالم الأثرية المتبقية من عصر الظاهر بيبرس واقفة لتشهد على مدى ازدهار عصره ومدى حرصه على النهضة بالبلاد، هذا على الرغم من البداية السيئة التي وصل بها للحكم بعد قيامه بالاتفاق مع عدد من الأمراء على قتل سلطان البلاد سيف الدين قطز فكان صاحب الضربة التي أودت بحياة السلطان ثم تم تنصيبه سلطاناً للبلاد خلفاً لقطز لتبدأ مرحلة جديدة من الحكم.
النشأة والتعريف به
اسمه بالكامل هو ركن الدين بيبرس البندقداري، من أصل تركي ولد تقريباً في عام 620هـ - 1223م بمنطقة القبجاج قريباً من نهر الفلوجا بوسط أسيا، وقد وقع بيبرس في الأسر من قبل المغول وتم أخذه من بلاده حيث بيع في دمشق لرجل يدعى " العماد الصايغ" ثم اشتري عن طريق الأمير علاء الدين أيدكين الملقب بالبندقداري والذي أخذ منه بيبرس لقبه بعد ذلك فأصبح "بيبرس البندقداري"، انتقل بيبرس بعد ذلك من الأمير علاء الدين إلى الملك نجم الدين أيوب الذي قام بمصادرة جميع أملاك الأمير علاء الدين والمماليك أيضاً، وانضم بيبرس إلى فرسان المماليك البحرية تحت قيادة الأمير أقطاي، وبدأ تفوق بيبرس كفارس يتجلى ويظهر بوضوح وخاصة في موقعة المنصورة والتي برز أداء بيبرس فيها كقائد في الوقوف في وجه الحملة الصليبية والقضاء عليها، وأسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا، كما برز أدائه كفارس في العديد من الصراعات الداخلية التي أشترك فيها مع قائده أقطاي.
رحيل وعودة
بعد أن تولى عز الدين أيبك حكم البلاد خلفاً للسلطان نجم الدين أيوب كلف قائد فرسانه سيف الدين قطز بقتل الأمير فارس الدين أقطاي، مما أبدل حال بيبرس وفر هو ومن معه من المماليك إلى بلاد الشام وظل في حالة من التنقل بين البلاد فينزل بالشام تارة والكرك تارة أخرى، إلى أن تولى سيف الدين قطز مقاليد الحكم في البلاد، فأرسل له بيبرس يطلب منه الأمان والعودة مرة أخرى إلى مصر وهو ما قد كان، فعاد بيبرس مرة أخرى إلى البلاد حيث قابله قطز بالترحاب ولم يكتف بهذا بل أنزله دار الوزارة وأقطعه قليوب وما حولها، وأعطاه مكانته كفارس متميز، ولقد كان بيبرس بالفعل فارس متميز ظهرت براعته في العديد من المعارك، والتي تأتي على رأسها معركة عين جالوت وذلك في عام 658هـ - 1260م، والتي برز بها أدائه كفارس وكان واحداً من أبطالها.
بيبرس ما بين الغدر والحكم
بعد تحقيق النصر في معركة عين جالوت أتجه تفكير بيبرس إلى الملك والسلطة وأوغل قلبه العديد من المحيطين به نحو السلطان قطز مما أشعل نيران الحقد في قلبه، ومما زاد من اشتعال الموقف رفض قطز إعطاؤه ولاية حلب حيث اعتبر ذلك نوع من الإهانة له وتقليل من جهوده المبذولة في المعركة ضد التتار، فعقد العزم على تدبير مؤامرة هو وعدد من رفاقه من أجل اغتيال قطز، وقد كان فأقدم على طعن قطز طعنة أودت بحياته، وجاء من بعده ليتولى مقاليد الحكم في البلاد.
إنجازاته الداخلية
على المستوى الداخلي عمل بيبرس على تقوية دعائم البلاد والنهضة بها في كافة المجالات، فشهدت مصر في عهده عصر جديد من الازدهار خاصة وقد تمكن من تأمين حدودها الخارجية وقضى على الفتن والمؤامرات الداخلية، ومن الإصلاحات التي شهدتها مصر على يده قيامه بإدخال تعديلات على النظام القضائي فقام بتعيين أربعة قضاة يمثلون المذاهب الأربعة ، كما أعاد للجامع الأزهر رونقه فشن عليه حملات من الترميم والتجميل حتى عاد له جماله ومكانته مرة أخرى، وعمل على إنشاء العديد من المؤسسات التعليمية فأنشأ المدارس بمصر ودمشق وتعرف المدرسة المصرية باسم "المدرسة الظاهرية" وتضم المدارس المكتبات الضخمة التي تزخر بكميات هائلة من الكتب.
وفي القاهرة قام بإنشاء أحد الجوامع الهامة وهو جامع الظاهر بيبرس والذي مازال قائماً إلي اليوم، وتعرف المنطقة حوله باسم حي الظاهر، هذا بالإضافة للعديد من الآثار المتبقية والتي ظلت خالدة لتشهد على فترة زاهية عاشتها مصر، كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور وحفر الترع وإنشاء القناطر، وأنشأ مقياس للنيل وغيرها العديد من الأعمال.
وفي خارج مصر قام بعدد من الإصلاحات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، وقام بتجديد مسجد إبراهيم عليه السلام في الشام، كما قام بتجديد قبة الصخرة وبيت المقدس، وعمل على إقامة دار للعدل للفصل في القضايا والنظر في المظالم.
وفاة السلطان
جاءت وفاة بيبرس في الثامن والعشرين من محرم عام 676 هـ - والثاني من مايو 1277م ، بعد حياة حافلة قضى حوالي 17 عام منها في الحكم، تولى من بعده أكبر أولاده ناصر الدين الحكم، إلا أن أولاد بيبرس لم يدم لهم الحكم طويلاً وذلك نظراً لطمع المماليك في الحكم فتم قتل أولاده، وتولى الحكم أحد أمراء المماليك والذي عرف باسم سيف الدين قلاوون الألفي.
ابن بطوطة شاهد على عجائب البلدان
ابن بطوطة هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم الطنجي، رحالة شهير لف معظم بلاد العالم وأتى بمغامرة من كل بلد منها، من منا لا يريد أن يكون مثل هذا الإنسان الرائع الذي قام بزيارة العديد من البلدان حيث تعرف على ثقافات متنوعة وعادات وتقاليد مختلفة منها الطبيعي ومنها الغريب، والأجمل من كونه قام بزيارة هذه البلدان هو قيامه بتسجيل ما رآه فيها في كتاب شهير قام بكتابته له ابن الجوزي هو الكتاب الذي يعرف باسم "رحلات ابن بطوطة"، حيث أصبح هذا الكتاب بعد ذلك دليلاً لكثير من المهتمين بالإطلاع على كل ما يتعلق بثقافات البلاد الأخرى.
قضي ابن بطوطة في رحلاته هذه حوالي ثلاثين عاماً تعرض فيهم للعديد من الأحداث، منها العديد من الأحداث التي تعرضت فيها حياته للخطر، ومن خلال كتابه قام بإعطاء وصف دقيق لكل ما صادفه في رحلته من أماكن وشخصيات ومعالم وأحداث وغيرها من الأمور الشيقة التي قام بتناولها.
النشأة
ولد ابن بطوطة في مدينة طنجة بالمغرب في عام 1304م، وقام بدراسة الشريعة وقرر وهو في الحادية والعشرين من عمره وذلك في عام 1325م أن يخرج لأداء فريضة الحج، وعزم أنه في أثناء رحلته هذه سوف يعمل على التوسع في دراسة الشريعة في بلاد العرب.
عشق ابن بطوطة السفر منذ الصغر ومما حببه به أكثر الكتب التي تداولها العرب والتي يوجد بها العديد من أخبار البلدان ومعالمها مثل كتاب "المسالك والممالك" لابن خرداذبة، و"مسالك الممالك " للأصطخري والتي تتناول البلدان من الناحية التاريخية والجغرافية.
وعرف العرب باهتمامهم بالرحلات ووصف البلاد التي قاموا بزياراتها وذلك من أجل معرفة المزيد من العلوم والمعارف ونقلها إلى العربية وكانت تفيد هذه الرحلات في نقل الثقافات والعادات المختلفة بين البلاد المختلفة بالإضافة للتعرف على شعوب جديدة.
إصرار وعزيمة
على الرغم من الأخطار والأهوال التي عرف ابن بطوطة أنه سوف يتعرض لها أثناء رحلته خاصة أنه سوف يتوجه إلى بلاد غريبة وسوف يدخل إليها لأول مرة إلا أن هذا لم يثني من عزيمته، فقرر بمنتهى العزم أن يبدأ رحلته ويكملها إلى نهايتها، فبدأ هذه الرحلة وحيداً ثم أنضم بعد ذلك لقافلة من التجار وواصل الرحلة هكذا، وكلما يمضي قدماً ينضم إليه آخرين.
في بداية رحلته وبالتحديد في مدينة بجاية تعرض ابن بطوطة للمرض وأصابه الضعف الشديد ولكنه أصر على مواصلة المسير مفضلاً الموت وهو متوجه لمكة للحج عن التخلف عن القافلة.
رحلاته
قام ابن بطوطة بثلاث رحلات خلال حياته بدأت الرحلة الأولى من المغرب وبالتحديد من طنجة وباتجاه شمال إفريقيا حتى الإسكندرية ومنها إلى دمياط فالقاهرة، ثم تابع سفره في النيل إلي أسوان فعيذاب على البحر الأحمر ومنها قام بالإبحار حتى وصل إلى جدة ، ثم عاد إلى القاهرة فدمشق عبر فلسطين، ثم سار إلى اللاذقية فحلب واتجه مع قافلة حجاج إلي مكة المكرمة، توجه بعد ذلك إلي العراق ثم فارس وحج للمرة الثانية ثم أنطلق من مكة إلى اليمن فالبحرين ومنها إلى مكة ورجع للقاهرة.
بدأت رحلة ابن بطوطة الثانية باتجاه الشمال فزار الشام ودخل أسيا الصغرى وبلغ سينوب على البحر الأسود ثم عبرها إلى جزيرة القرم وزار جنوب روسيا قبل أن ينتقل لأرض البلغار ومنها عاد إلى فارس ودخل أرض الهند، وفي الهند أقام سنوات في خدمة السلطان، ثم زار كل من سيلان وأندونيسيا وكانتون في الصين، وعاد من سومطرة إلى ظفار بحراً وانتقل برا إلى فلسطين، ثم رحل باتجاه بلاده عبر مصر فتونس وفي طريقه زار سردينا بحراً، وخلال زياراته لفاس عبر مضيق جبل طارق وزار الأندلس، وكانت الرحلة الثالثة إلى أعماق إفريقيا وحتى مالي ثم عاد إلى فارس بعد أن خاض الكثير من المشاق.
قام ابن بطوطة بوصف مفصل لكل ما صادفه في طريقه، وذكر جميع الأحداث التي مرت به فذكر الطريق والبلاد والقصور وأبواب المدن ومعالمها والأشخاص الذين مروا عليه والأحداث التي حدثت بينهم سواء تشاجر مع أحد أو تقابل مع أخر فأكرمه، حتى فترات مرضه ذكرها أيضاً ولم يغفل نقطة مهما كانت بساطتها، فلم يترك ابن بطوطة بلداً مر فيه إلا وصفه وذكر أهله وحكامه وعلمائه وقضاته.
مما قاله في وصف البلاد
يقول في وصفه لمدينة الإسكندرية "ثم وصلنا في أول جمادى الأولى إلى مدينة الإسكندرية حرسها الله، وهي الثغر المحروس والقطر المأنوس، العجيبة الشأن الأصيلة البنيان، بها ما شئت من تحسين وتحصين، ومآثر دنيا ودين، كرمت مغانيها ولطفت معانيها وجمعت بين الضخامة والإحكام مبانيها"
ولقد بهرته أيضاً مدينة القاهرة ووصفها قائلاً " أم المدن, سيدة الأرياف العريضة والأراضي المثمرة, لا حدود لمبانيها الكثيرة, لا نظير لجمالها وبهائها, ملتقى الرائح والغادي, سوق الضعيف والقوي... تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكاد تسعهم..."
كما سحرته دمشق وقال عنها "تنوع ونفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كل حساب، هناك أوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة, ومنها تدفع نفقات من يخرجون للحج نيابة عنهم، وهناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجز عوائلهن عن شرائها, وأوقاف أخرى لعتق رقاب السجناء، وهناك أوقاف لعابري السبيل تدفع من ريعها أثمان طعامهم وكسائهم ونفقات سفرهم لبلدانهم، كما أن هناك أوقافاً لتحسين ورصف الدروب, لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون, أما الراكبون فيمضون في وسط الدرب."
ومما قاله فيما رأه في وصف الهند "ولما انصرفت عن هذا الشيخ رأيت الناس يهرعون من عسكرنا، ومعهم بعض أصحابنا فسألتهم ما الخبر فأخبروني أن كافراً من الهنود مات أججت النار لإحراقه ، وامرأته تحرق نفسها معه، ولما احترقا، جاء أصحابي واخبروا أنها عانقت الميت حتى احترقت معه"
وفي جزر المليبار قال "ومن عجائبها أن سلطانتها امرأة وهي خديجة بنت السلطان جلال الدين، وهم يكتبون الأوامر في سعف النخيل بحديدة معوجة تشبه السكين ولا يكتبون في الكاغد إلا المصاحف وكتب العلم ولما وصلت إليها نزلت بجزيرة كنلوس وكان غرضي أن أسافر منها إلى المعبر وسرنديب وبنجالة ثم إلى الصين "
توفى ابن بطوطة في مراكش، طبعت رحلته مراراً وهي باسم " تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" كما ترجمت فصول منها لعدد من اللغات الأجنبية.
عذرا على الاطالة
تقبلو مروري
__________________
ان خانك صديقك لاتحزن ..
انتظر ليعطيك ظهره ..
واكتب عليه أنا أستطيع أن أخونك لكن أخلاقي لاتسمح لي بذلك ......!
|