من بعد ما أركلنا المرة الماضية وشربنا كاسة شاي بالنوفرة
هلا رح نمشي لعند المعلم بكداش ناكللنا كاسة بوظة عربي
لا شيء يطفىء ظمأ المتجول في سوق الحميدية بوسط دمشق سوى دخول محل مكتظ بالناس وتناول بوظة(بكداش). ويذكر كل الذين يزورون العاصمة السورية تلك البوظة العربية ذات المذاق المتميز والتي انتشرت سمعتها في كل البلاد العربية والمهجر كواحدة من ملامح الشام.
تدخل المكان فتجد الزبائن من كل اللهجات العربية ، وإذا كنت محظوظا ستجد مقعدا فارغا قبل أن يأتيك عامل المحل بـ (زبدية) البوظة متوجة بالفستق الحلبي وكأنه تاج العروس .
بوظة بكداش وتاريخ عريق :
المحل افتتح عام 1895 ويملكه الأخوان موفق وهشام بكداش ، ويتوسط سوق الحميدية العريق والذي يبلغ طوله 600 متر وعرضه 15 مترا بارتفاع طابقين وقد بُني السوق في عهد الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد عام 1883. بوظة بكداش التي يحلو الحديث عنها في هذا الصيف الساخن ، تارة هي بالفستق الحلبي وتارة هي بالقشدة وكان في سالف الزمان متنفسا للعائلات وظاهرة حضارية، وتلفت انتباهك مدقة خشبية طويلة تعلو وتهبط بشكل استعراضي داخل برميل معدني واسع بطريقة فنية تذكرك بما كان يفعله الأجداد في تراثهم الجميل. كان العرب يطلقون عليها (الايما) أو (الدندرما) أو (القيمع) وهي من الحليب المثلج ، واسماها العثمانيون (الكايمك)
بلّ قلبك بما صنع في القرن التاسع عشر دون زيادة أو نقصان
بدأ هشام بكداش صباح يومه كالمعتاد , فما إن وصل لمحله في سوق الحميدية حتى ابتدأ الازدحام , لقد عرف هذا المحل ألوفا مؤلفة من البشر ؟ لقد تابع الرجل ما بدأه والده حمدي بكداش عام 1898 عندما عاد من السلطنة العثمانية و قد ( سرق سر صناعة الضانضرما ) من العثمانيين . و الضانضرما كلمة تركية تعني البوظة
و على إيقاع موسيقى كلاسيكية ينهمك ثلاثة من الصناع بطرق البوظة (بمكبس خشبي كبير) داخل ماعون مربع يسمى ( الجرن النحاسي ) , و تستغرق عملية الدق لنحو ربع ساعة لكل وجبة من المثلجات و لا تحتوي سوى الحليب و السحلب و الملح الكيميائي مع إضافة المكسرات كالفستق الحلبي و بعضها مصنوع بالقشطة لمن يرغب بكاسة دسمة .
و قد عرف الدمشقيون حبا شديدا لصرعة القرن التاسع عشر لما عرفته من صعوبة كبيرة في التحضير حينها فكان حمدي الوالد ( يحضر الثلج من جبل قاسيون في الشتاء و الربيع و يخزنه في مغاوير الجبل العتيد بعد إضافة الملح الصخري إليه و وضعه في براميل خشبية و كانت وسيلة النقل في ذلك الزمن البغال في طريق وعرة للغاية) ليصار لحفظها بدرجة حرارة –30 تحت الصفر .
تكبد الرجل الراحل مشقة صنع الضانضرما لكنه أورثها للمحبين .
شهرة بكداش على المستوى السياسي :
زار المكان رؤساء كثيرون في حقبات سوريا السياسية كالملك الأردني عبد الله الثاني و صورته معلقة في صدر المكان و قد أمك بيده كاسة بوظة داخل المحل , لهذا تبدو زيارة المحل تقليدا للأردنيين الذين يفدون للشام كما عبرت سيدات قدمن من عمان لدمشق لأكثر من سبب .
أما ملك ماليزيا الذي زار عين المكان فقد عبر لأصحاب المحل عن سروره بما تذوق من فخر الصناعة القديمة .
في دمشق هناك خمس محلات تصنع البوظة العربية بالطرق و تصدّر منتجاتها للبنان و الأردن و الخليج و قد ساعدت الطائرات و وسائل المواصلات السريعة بإبقاء المثلجات طازجة فهي تصمد لنحو 7 ساعات قبل أن تعود للبرادات لتحفظ و تباع لراغيبيها .
أما الزوار الأجانب فلم يقلوا دهشة عما تذوقوه فلم يستطعموا بهذا المذاق لا في كندا و لا في شرقي أوربا القريب من تركيا اليوم ؟
بكداش في الوقت الحاضر :
لحتى يضل بكداش ماشي بالتوازي مع الجيل القديم والجديد .. صار فيك تلاقي بوظة آيس كريم يلي بحبوها الولاد الصغار .. مشان مايطلعو من المونة بلا حمص .. وتعلق بينن وبين أهلن
عالهامش : أنا مابحب هالبوظة ( العربي )بنوووب ..
إهداء إلى
__________________
بكل الغلا لاقصرت اعذرني لاخطيت سامحني
لا اله الا الله
لا حول ولا قوة الا بالله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر
أستغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم وأتوب اليه
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم أنك حميد مجيد
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم في العالمين أنك حميد مجيد