الشاعر الأندلسي ابن زيدون
الشاعر الأندلسي ابن زيدون:
نشأته و ثقافته:
ولد ابن زيدون بمدينة قرطبة سنة 394هـ/1003م , و هو أبو الوليد أحمد ابن عبدالله بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي , وهو عربي صريح ينتمي إلى قبيلة مخزوم القرشية.
كان أبوه قاضياً في قرطبة وجيهاً ثريَّاً غزير العلم و الأدب.
ولم يذكر ابن زيدون أباه في ديوانه إلا مرة واحدة حيث يقول في قصيدته الطائية التي يخاطب بها بعد فراره من السجن أستاذه الأديب أبا بكر بن مسلم مستنهضاً همته للشفاعة:
علـيـكَ أَبـا بكرٍ بَـكَـرْتُ بهــمــة لها الخَطَر العالى و إن نالها حَطٌّ.
أّبي بعدَ ما هِيلَ الترابُ على أّبي وَ رَهطِيَ فَذّاً حين لم يَبْقَ لي رَهْـطٌ.
أما أمه فقد ذكرها ابن زيدون مرتين في آثاره, الأولى عندما زارته في السجن فبكت فقال قصيدته:
ألمْ يأْنِ أنْ يَبْكِي الغمامُ على مِثلي و يطلبَ ثأري البرقُ مُنْصَلتَ النَّصْلِ.
والثانية في رسالته إلى أستاذه أبي بكر بن مسلم التي يقول فيها:
" و قد هجرتُ الأرضَ التي هي ظئري, والدارَ التي كانت مَهدي , وَ غِبْتُ عن أُمٍّ واحدُها, تمتدُّ أَنفاسها شوقاُ إليَّ, وَتَغُضُّ أَجفانها حُزناً عليَّ....."
هذا و لا نعلم شيئاً عن زوجته و لا عن تاريخ زواجه و لكننا نعلم أنَّ له ابناً يدعى "أبا بكر" وَزَرَ للمعتمد بعد وفاة ابن زيدون سنة 463هـ , وقتل يومَ سقطت إشبيلية بيد المرابطين سنة 484هـ.
و نشأة الشاعر في قرطبة ساعدته على الانكباب على العلم و التحصيل فقد كانت هذه المدينة موئل العلوم و الآداب في الأندلس.
وكان ابن زيدون كثير الميل لعلوم العرب و فنون اللغة فحفظ كثيراً من آثار الأدباء و أخبارهم و أمثال العرب و حوادثهم و مسائل اللغة, و كانت له أيضاً ثقافة فلسفية تدلنا عليها ما ورد له في رسالته الهزلية من بعض مصطلحات الفلاسفة و أسمائهم كأفلاطون و أرسطاطاليس و بقراط و جابر بن حيان و غيرهم.
و يذكر المستشرق ( كور) في رسالته عن ابن زيدون أستاذين له. هما أبو بكر بن مسلم بن أحمد و كان نحويَّاً أديباً متقدماً في علم العربية و اللغة و رواية الشعر وكتب الأدب , والقاضي أبو بكر بن ذكوان .
و لم تكن قرطبة مسرحاً للعلم فقط بل كانت مسرحاً للهو والطرب, و كان أهلها في رخاء من العيش ميالين إلى هذا اللهو و هذا الطرب.و نستطيع أن نقول إنَّ ابن زيدون قد مثّل أهل قرطبة في شخصه أحسن تمثيل, فقد وصفته المصادر التاريخية بأنه خفيفُ الروح كثير الدُّعابة , ميّالٌ إلى المجون إلى جانب طموحه السياسي, لهذا فقد نال شهرة واسعة في مجالس قرطبة الأدبية و الاجتماعية و السياسية.
و قد كان للنساء دوْرٌ في هذه المجالس, و كان لبعض هؤلاء النساء منتديات أدبية يخالطها الشعراء و الأدباء, فأثّر هذا الوسط في نفس شاعرنا, وكان من بين هؤلاء الشعراء الذين نالوا حظوة مجالس النساء و لا سيّما ولَّادة التي ستأتي على ذكرها لاحقاً.
و بهذا يمكننا أن ننظر إلى شاعرنا من وجهين: إنَّه شاعر متأثر بالجمال مشغوف بمجالس اللهو و هذا ما سيقودنا إلى الحديث عن علاقاته مع ولّادة , ثمّ هو شاعر سياسي طموح.
في حديثنا القادم سوف نتحدث عن حياة ابن زيدون العاطفية و علاقته مع محبوبته ولّادة فتابعونا ............
__________________
إن أحسست بشعور الظلم
فاعلم أن الليل لن يطول و أن الشمس سوف تشرق في النهار
و أنك تملك دعوة لن يردها الله لك….
فحاول أن تحول مسار هذه الدعوة من المضرة للنفع
و أرأف بحال من ظلمك فإنك الأقوى
لأن من بيده ملكوت كل شي هو من يقف بجانبك الآن
و راعي من يعوله الذي ظلمك
فربما هناك من يستحقون حنانك و لطفك
و أعلم أن الله مع الخير في كل الأحوال و أنه لن يضيعك[/size][/size][/size] ...
|