نواف غزالة......

[Ghada Saymoua]

نواف غزالي هو قاتل الرئيس أديب الشيشكلي في 27 أيلول 1964، انتقاماً من ممارساته العسكرية ضد الدروز في منطقة جبل العرب بعدما تسلم الحكم عن طريق انقلاب عسكري أطاح سامي الحناوي.




نواف غزالي


علم الشيشكلي أن هناك سلاحاً يجمّع في جبل العرب عن طريق الأردن والعراق تمهيداً لتنفيذ انقلاب ضده يدبّره حزب الشعب وبيت الأطرش بالتنـــــــــــسيق مع الهاشميين، فقرر اعتقال قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطـرش، وأعلن حربه على جبـــــــــــــــل الدروز ودخل مدينة السويداء في 31 كانون الثاني 1954 بالدبابات والمدفعية والطائرات، مرتكباً بذلك أبشع المجازر تحت حصار عسكري، فعمّت التظاهرات مدن سوريا.

وعندما شعر الشيشكلي أن زمام الأمور أفلت من يده اتصل بالحكومة اللبنانية لقبوله لاجئاً سياسياً، وغادر دمشق إلى بيروت في 25 شباط 1954 مسلماً استقالته إلى رئيس الاركان شوكت شقير، ثم غادر إلى السعودية ففرنسا عام 1957. تسلم السلطة في سوريا شكري القوتلي، وحوكم الشيشكلي غيابياً بتهمة الخيانة فغادر عام 1960 إلى البرازيل حيث أقام في مزرعة. وبعد عشر سنوات تمكن نواف غزالي من قتله أخذاً بثأر الدروز.

ولد نواف غزالي عام 1927في قرية مَلح التي تبعد عن السويداء 42 كم. عمل في الزراعة قبل أن يسافر في منتصف الخمسينيات إلى البرازيل وقطن في عاصمتها برازيليا وعمل فيها تاجراً.
يقول حسن سليمان غزالة: «إن نواف توجه إلى المزرعة التي يقطن فيها أديب الشيشكلي وسأله: إذا صدر عفو رئاسي فهل ســــتعود إلى سوريا، فأجابه الشيـــشكلي: طبعاً، فقال له نواف: أهلي شهداء ولن تستطيع العودة وأنا حي، وأطلق عليه خمس رصاصات من مسدسه صارخاً: هذه الرصاصات من سلطان باشا الأطرش».
إلا أن أهالي السويداء يتداولون رواية أخرى عن مكان مقـــــــــــتل الشيشكلي، ويروون «أن أم نواف وأخته قتلتا في الحملة التي شنها الشيشكلي على جبل العرب، فأقسم نواف أن ينتقم. وأعطاه المقدم سليم حاطوم الضوء الأخضر لذلك فلحق بالشيشكلي إلى الأرجنتين (لا البرازيل) ودخل بيته وقتله في غرفه نومه حيث كان واقفاً، وقال له كلمته المشهورة في الجبل: دير وجهك يا أديب. نحن مش متعودين نقتل الناس بظهرها متل غيرنا، فلما أدار وجهه قال له: أنا نواف غزالي من سوريا من السويداء جئت لانتقم لأهلي الذين قتلتهم، قبل أن يفرغ رصاصاته في صدر الشيشكلي».
سلم نواف نفسه بعد 18 يوماً من قتل الشيشكلي بعدما احتجزت السلطات البرازيلية أقاربه. وتبرع للدفاع عنه 20 محامياً.

توفي غزالي في 20/11/2005 عن عمر ناهز الثمانين عاماً، وأعيد جثمانه من البرازيل ليدفن في مسقط رأسه بعدما ثأر لأهالي السويداء قبل أكثر من 50 عاماً، وقد استقبل الآلاف من الـــــدروز جثـــمانه استــقــبال الأبطال.
ويرى الدروز نواف غزالي بطلاً من أبطال السويداء ورمزاً للشهامة والشجاعة، ويرى فيه أهالي جبل العرب بطلاً شعبياً بامتياز وينشدون له في الأعراس والأفراح والمواقف الوطنية لأنه ثأر لهم، ومما يقولون فيه ما يسمى في السويداء «الجوفيات»:


«حنّا بني معروف تاريخ الفخر
حاريبنا عالدوم عدّه خاسره


لازم نجيه انكان بسابع بحر
بكل البسيطة ما يلاقي مستره


وابن الشيشكلي عبره للي ما عتبر
نواف غزالي دوم عنا مفخره».



وقيل في رثائه شعراً:


وجاءَ بعدَهُ نوافٌ كبارقةٍ
يردُّ ضربةَ من خانوا ومن فصموا


عُـرى العروبةِ في غـدرٍ وفي صلفٍ
دكوا المدينةَ لا خافوا ولا رحموا


من قلبِ بيتـِـهِ من ريانَ من ملحٍ
هبَّ الغضنفرُ خلفَ البحر ِ يعتصم


ومن يمينـِـهِ تلكَ الطلقةُ انطلقتْ
للعارِ تمسحُ للأشرافِ تنتقمُ


والثأرُ يفخرُ إذْ نوافُ يأخـذُهُ
وآخذُ الثأرِ بعدَ الثأرِ يبتسمُ