حَمام وظلام
كُلُّ شيئٍ ينتهي بالموت ,
إلا الحبّ فهو يبدأ بهِ ..
هذهِ خلاصة القصيدة لكني بدأت بها ..
ألا يكفي أني مغتربٌ عن وطني
وعن وجه أمي
ها أنا الآن أغتربُ عن نفسي
أويسألُ المغتربُ مالذي غرّبك ..
" كُنا عناقَ اعتناقِ في توحدنا لنا "
حتى هَمى القدرُ سيفاً ينهلُ واشتبك ..
يا قدري اللعين كنتَ تاتي دائماً مبكراً
تنذرُ بمحض نهاية بداياتي
قُلي فديتكَ هذهِ المرة مالذي أخرّك .. ؟
بعدَ أن توهمتُ جمالَ جميلةٍ
فسجدتُ للحبِّ مُسَلماً
ولما انحنيتُ رُمي الشَّبك ..
كنتُ امشي في صوتكِ
باحثاً عن لغةٍ أقول بها قصائدي
فاغتالني الصوتُ
و أشربُ احتضاري امامهُ وهوَ ساكنٌ
أسائلهُ بربكَ مالذي بدّلك ..
مُسيرونَ نحنُ نحو اللاسعادة
مسيرونَ بغيرِ مشاعرنا وبغير إرادة
أينَ القصائدُ تستحضرُ الدموع
أينَ الدموع تبللُ في عتمة الليل خدَّ الوسادة
أينَ ذاك الحب الذي يدخل اعمارنا بغير استأذان
كما يخرجُ بغير استأذان
أينَ من نحبهم ويحبوننا حتى العبادة ..
نظرتُ حولي ولستُ سوى أحدٍ
من جملة من مثلي صفوفاً وأعدادا ..
وهذا المساءُ ما عدتُ أكتبهُ
يغيبُ والدمعُ يُظني محاجرهُ
والنارُ تكوي أصابعهُ , وينثرُ الليلَ على أعيننا رمادا ..
ذهبنا بغيرِ وداعٍ وغيرِ عناقٍ
عيونها لا تمطرُ شفاهُها متعانقة
ومن بينِ الجبلين تسقطُ قلادة ...
قلادةً تعرفُ كم عانقتها حالماً
وقبلتها حتى أكتسبتُ ايماني وأمنياتي
هذا الضريحُ يسأل نفسهُ
وهذهِ الرخامةُ تسألُ أيةً على ملامحها
لمن نحنُ منذ أعوامٍ وُجدنا ..
وأنا القتيلُ في كل مشهدٍ في حياتي ..
وأنتِ التي لم تكوني كما كنتي تشائينَ أن تكوني
جزءً أو تفصيلاً أو حرفاً في رحم لغاتي ..
انتِ لم تخرجي من خلفِ قضبان القلبِ
أنت كنتِ تسكنين القصيدة لا أكثر ..
كما لم تسكنيها يوماً
و انا السجانُ و أنتِ سجينةٌ
وكلانا لا يدري أني كنتُ مسجوناً في سجنٍ أكبر ..
أرسلُ إليكِ رسائلي رغم تأكدي ويقيني ..
بأنكِ جاهلةٌ في اللغة
ولا يستهويكِ سوى قراءةُ العناوينِ ..
وأنكِ مزاجيةٌ بالفطرة
والرصاصةُ التي لا تقتلني تُحييني ..
أنا أعمى .. نعم اعمى ..
هالةُ الظلامِ حولكِ طبيعيٌ ان تُعميني ..
فما عادَ في القصيدةِ مساحةُ لك ِ
فارتحلي هذا الكلام ما عاد يغريني ..
وكلُّ الكؤوس التي شربناها
كسرتيها .. و ما كانت كؤوسكِ يوماً تَرويني ..
وصحيحٌ أن النساءَ تكبرنَ بقصائدي
لكنكِ لا تتقنين فنَّ ارتداء القصائد
فكلها أكبر منكِ .. فاعذريني ..
أو لستُ أبالي ..
ولستُ أثقُ بمصداقيةِ العيونِ
التي اذ ما رحلتُ تبكيني ..
فلا تعذريني ..
أنا حبيبتي لم تأتي بعد
وهذا العمر قد ذهب ..
لكنا ستقرأ كلماتي يوماً
فيملؤها التعب ..
وتغفو فوقَ صورتي
كياسمينةٍ مزروعة بين الشهب ..
زورتي مشاعركِ و زورتي لونَ عينيكِ
كانَ كل شيئ ممكن
بوحُ الشفاه ممكن
عناق الاصابع ممكن
افتراش الصدورِ ممكن
ولوجُ الارواح ممكن
رسم ابتسامة ممكن
كتابة قصيدة ممكن
تقبيل ثغر ممكن
و شرب النبيذ ممكن
كانت العصافيرُ تحتَ مقعدنا
تبني اعشاشها وتسكن ..
كانت الزهور تنبثقُ من خلف خطواتنا
و عطرها الابدي من غير خوف تُعلن ..
أنظري الآن كل شيئٍ حولنا مدمرٌ
اليسَ من شيئ بالنسبةِ لكِ مُحزن ..
قرأتُ شعري عليها وهي نائمةٌ
فما أحست بتجريدي , ولا صُوري
وما رجفت شفةٌ في محيطِ الفمِ
ولا استجابت لعزفي ولا وتري ..
قد تحملُ الريحُ نهايةً لسنا ندركها
فما بيننا سوى جبالُ الحزنِ والضجرِ ..
فمن سيحبكِ بعدي سيقتلكِ
فانا أخر البدوِ وأنا أخرُ الحضرِ ..
خرجتي من رهان الحبّ خاسرةً ..
وبقيتُ أنا على أرضي وبين أغصاني وشجري ..
أزعجتكِ غيمة سوداء من لَدُني ..
والسحاب الأسودُ موطنُ المطرِ ..
أذهبي كما أتيتي فجأةً
قد أحبكِ في المليونِ من عمري ..
فوقفت والأحزان تُثقلها و تدميها
ولما استدارت صحتُ أنا أنتظري ..
وظنت أني غيرتُ رأيي
وكل مافي الأمر أنها نسيت المعطفَ المطري ..
|