العودة   منتدى قرية عرمان السويداء جبل العرب الأشم > منتدى جبل العرب > قسم قرية عرمان

قسم قرية عرمان أخبارعرمان ويومياتها ، أخبار الأهل و الأحباب في عرمان والجبل.

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 10-05-2009, 01:01 PM   #1
حازم صيموعة
مشرف قسم المواهب الادبية
 
الصورة الرمزية حازم صيموعة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
الدولة: سوريا
العمر: 38
المشاركات: 366
معدل تقييم المستوى: 17 حازم صيموعة is on a distinguished road
من مواضيع حازم صيموعة اشتقت لعينيك....
صور يمكن تكون حلوة...!!!
عشق المستحيل.....
مشوار عشق .....
رسالة إلى عيني حبيبتي....
عرمان.......

قرية عرمان ..

عندما تغادر مدينة صلخد متجهاً شرقاً , وبعد صعودك وهدة مرتفعة قليلاً في "أبو النوف ", وهو التل الذي يحاذيها من جهة الغرب , تبدأ بالإطلال على مشارفها وبيوتها المتناثرة غرباً على جانبي الطريق المعبدة التي تنسلّ إليها , فتنبئك بقرب الوصول .. ربما يتملكك إحساس مختلف وأنت تدنو من أطرافها الغربية .. بما تناهى إلى سمعك من المنقولات والمآثر عن ماضي أهلها , إنها " عرمان " نعم ..فقبل أن تحط بك الرحالُ في ربوعها , أو على مقربة من عمرانها , حيث توسعت أرجاؤها مع الزمن وانبسطت في كل الاتجاهات تقريباً بعد زحف الإسمنت على حساب هذا البازلت الرائع الذي يطل عليك أنى توجهت , يشي لك بطبيعة أرض قاسية وعرة , حيث توسعت عن مركزها العمراني القديم المرتفع قليلاً , ذي البيوت الحجرية المتراصة والمتلاصقة , ذات السقوف الحجرية المقنطرة أيضاَ , والمحمولة على جدران حجرية عريضة من البازلت المصفوف بعناية , يتوسطها قصر روماني منيف مبني بعناية أيضاً وبحجارة متراصة , يتزنر بشرفات حجرية جميلة , وبأكثر من إطار يعلو بعضها بعضاً كل عدة صفوف من المداميك المنحوتة , تكسو حجارته طبقة سميكة من الإشنيات والطحلبيات السميكة.. تشي بتعاقب سنين كثيرة . حيث يظهر أنه فقد شيئاً من ارتفاعه عبر الأزمنة المتعاقبة التي تنبئ عن توالي حضارات وأقوام عبر الغابر من الأعوام .
ومن البدهي أنك لاتستطيع التحدث عن عرمان أو أية قرية أخرى بمعزل عن المحيط العام في جبل العرب , فهو وحدة اجتماعية وأخلاقية وقيمية وموروث شعبي متصل ومتشابه , وتسليط الضوء على "عرمان" هنا , لا يعني بأي حال عزلها عن محيط
هي جزء لا يتجزأ منه ومن تاريخه وتقاليده .
فقبل أن تحط بك الرحال زائراً , لا بد أن تكون قد وصلتك بعض أخبارها .. طرقت مسامعك بالتواتر .. والأحاديث العابرة , عن ماض مفعم بحكايا الرجولة والفداء والوطنية ومعاني القيم والمثل والفروسية والتقوى أيضاً ..لا بد أن تسمع بـ "عرمان" في الأهازيج ..في قصائد الفخر .. في حداء البطولة .. والكثير مما تسمعه ينبئ عن حمية أهلها .. نجدتهم .. بطولاتهم .. شجاعتهم .. حتى ليخيل إليك أن أولئك يتوفرون على فائض من رجولة وشجاعة نادرة ..وتجد ما يعزز هذا الانطباع لديك , في العديد من المصادر المكتوبة والمنقولة .. وقد يبادر أبناؤها ليشرحوا لك "سر" هذه الخصوصية والتفرد , بطريقة لا تخلو من تعصب مبطن .. فلهم عذرهم فيه ربما , ولن تعوزهم الأمثلة , ليسوقوا لك من الحوادث والمآثر ما يعزز هذه الروح ويقوي هذا الانطباع .. يسوقون لك حادثة ما تجسدها الأهازيج وأغاني النخوة والحرب .. ( لفتْ باهل عرمان وجيت ابشرك ) هذا يعني أنه عندما يحضرأهالي عرمان تتغير موازين القوى وينعقد لهم النصر ويرفعون راياته .. وها هي البشرى بالغلبة لمن استنجد بهم .
( موردها عرمان وعجال البرك ) موئل ومبتغى وممر إجباري للرجولة والحمية ..
وإذا كان للحرب مفاتيح أو مفتاح فــ ( عرمان مفتاح الحرايب ) كما تقول الأهزوجة المتداولة .. والكثير الكثير في شعر الحرب والفخر والفروسية .
لعلاقات أهلها الكثير من الخصوصية , وربما تجد العذر لهم لتعصبهم إليها .. وللرأي العام فيها سلطان أيضاً ..حتى على القاطن الجديد أو المقيم المؤقت .. ناهيك بأهلها .. فعلى الجميع الإذعان لمنطقها و تقاليدها الراسخة وسلطان الأدبيات المتداولة بين أبنائها ..وقد تجد في أدبياتها أيضاً ما يدعى "عرماني" فلها خصوصية متوارثة معززة بالمآثر والتضحيات ومعاني الرجولة والفداء وقيم المروءة والحياء والاحترام .. ويقولون لك أيضاً إن القاطن الجديد سريعاً ما يتطبع بطابع أهلها : فيقولون : لقد ( تعرمن) تمشياً مع هذه الخصوصية .
وكان لهذا الشعار , فيما مضى , متطلبات وشروط نهض بعض أهلها في عملية تكوينه ووضع المحددات المعبرة عنه , وجعله قيمة جمعية إضافية تضاف إلى منظومات القيم العامة التي تحكم سلوكهم , حيث عمل بعض أهلها على تكوين رأي عام "عرماني" وشعار خاص للقرية يحمله كل "عرماني" ــ وفق نظام داخلي وبنود محددة لاختيار ممثلي العائلات وشروط تمثيلهم ــ كما هو وارد في بقية بنود هذا النظام , دليل الاعتزاز بتراث أهلها وماضيهم المجيد وتضحياتهم ووطنيتهم .
( وهذه الوثيقة مغفلة التاريخ , ويظن أنها تعود لعشرينيات القرن الماضي عنوانها :

ــ النظام الخاص
ــ وتحتوي على خمس عشرة مادة وملحق , فحواها : تأليف "رأي عام عرماني" ولا بأس من ذكر بندين منها :
مادة 11 : كل رجل يحاول تحصيل حقه وتعديل لازمته بواسطة الشغب والقوة نكون جميعنا ضده لأنه يخالف مبدا الخير والاتحاد .
مادة 14 ــ في حالة خلاف لايمكن منعه يجب أن نكون جميعنا ( بعد التشاور) بجانب الحق .
.. وقد يكون لهم العذر في ذلك , على الرغم من أن جبل العرب وقبل ذلك " جبل الدروز " بمعظمه يشكل وحدة اجتماعية وأخلاقية وقيمية , وتكاد تجمع كل أبنائه مناقبية تراثية موحدة إلى حد بعيد , والتفاوت يكاد لا يذكر بين أبنائه عامة في مستويات منظومة قيم الشجاعة والفروسية والكرم والنخوة .. والجبل عموماً تحكمه الكثير من التقاليد التي لم تضمحل مع الزمن بمعظمها , رغم الاحتكاك بالخارج , ودخول مفاهيم الحداثة والمدنية إلى نسيج علاقاته , وما زال أهله يتوفرون على منظومة خاصة تميزهم عن محيطهم القريب والبعيد , بعض هذه القيم له جذر عروبي مستمد من تقاليد عربية أصيلة , وبعضها الآخر له جذور دينية وعقائدية تشكل قيمة مضافة لمناقبيتهم ..ورسوخ التقاليد هذا عائد لمجموعة عوامل منها عدم الاختلاط والتزاوج لاعتبارات دينية , والحفاظ على سلسلة نسبية متصلة , تغذي وضعية الأسرة والعائلة وقيم الانتماء ومتطلباته وشروطه , وما يتصل به من مناقبية ملازمة لهذا الشكل من المراتبية , يعزز مفهوم الجماعة ويقوي أواصر التعاضد لدى أبنائها .
ومن ذلك أيضاً وضعية المرأة , الوحيدة في مؤسسة الزواج , فلا مكان لديهم لتعدد الزوجات مما يعزز روابط الأسرة ووحدتها ويعطي المرأة مكانة أعلى في سلم العلاقات الاجتماعية والأسرية فالمرأة ليست عورة أو حرمة أو وعاء للذة فقط بل هي سيدة , وتستطيع استقبال الضيوف من الرجال في غياب زوجها , والظهور أمامهم , والقيام
بواجب الضيافة بثقة وأنفة , و بحياء وعفة في آن , وبقاء الأخوة الأشقاء في كنف الأسرة , وندرة حالات الأخوة غير الأشقاء فيها تبعاً لذلك .
ولاعتبارات متعددة أيضاً كان العقل الجمعي العام في الجبل يقبل الآخر من أصحاب المعتقدات الأخرى , فالقوم ليسوا متعصبين , والتسامح قوام علاقاتهم , ولن يتاح لك التمييز بين أبناء الملل الأخرى الذين يعيشون بين ظهرانيهم في التعاملات والعلاقات, بل يصعب عليك التمييز , اللهم إلا أثناء ممارسة الشعائر فقط .
ففي الكثير من القرى تجد الجوامع والكنائس ومجالس الخلوة على مقربة من بعضها , لا بل إن الجميع شارك في بناء هذه البيوت الدينية عند إنشائها , كدليل على قبول الآخر المختلف , حتى في مستويات العقيدة , وهذه ليست سهلة في عالمنا العربي والإسلامي
إذا علمنا مثلاً أنه في طهران ــ وهي درة الحضارة الفارسية العريقة ــ ومنذ عهد إسماعيل الصفوي (1500 م) لم يسمح ببناء جامع سني واحد فيها حتى الآن, والأمثلة كثيرة أيضاً , في أماكن أخرى . فهذا التسامح الديني وقبول الآخر المختلف عقائدياً ليس هيناً , ففي الكثير من المحافل والمنتديات يشترطون عليك حتى تدلي برأيك أن تكون على مذهب معين وإلا فلا رأي لك , ولا زال الكثير من البلدان يدفع ثمناً باهظاً لعدم قبول الآخر المختلف عقائدياً رغم رابط الأخوة العام الذي يجمع بنيه .
ففي مجتمع الجبل ــ إذا صح التحديد ــ تكمن طلائع ومقدمات المجتمع المدني المنفتح المتسامح الذي يقبل الآخر حتى على صعيد المعتقدات الدينية , فبيوتهم وقلوبهم مفتوحة للضيف والشمس , والأسوار ليست عالية أيضاً , والضيف يستقبل بالترحاب من مسافة بعيدة وقبل أن يقرع الأبواب , فلا وجود للبيوت "العلب المغلقة" ولا الأبواب ذات الثقوب المخصصة لاستطلاع القادم أو الزائر في نظامهم العمراني .
وللمضافة ــ التي ليست مكاناً معداً لاستقبال الضيوف فقط ــ وضعية خاصة فهي منتدى دائم , يتم فيه صياغة علاقاتهم وفض خلافاتهم ومناقشة شؤونهم وشجونهم , وهي أيضاً "هيئة أركان" للعائلة أو للقرية , فمن قرار تعيين الحراس والنواطير .. إلى قرار الحرب وإعلان التعبئة العامة , يتم داخل المضافة .. يستعرضون فيها أدبهم الشعبي ومآثرهم وشعرهم وحكايا بطولات أهلهم , وعبرها يتم إعادة إنتاج وتكريس منظومات القيم والمناقبية الأخلاقية والموروث الشعبي , الذي يوجه سلوكهم العام .
وللمضافة تقاليد وأعراف يتعين احترامها والالتزام بها و حيث يراعى فيها أفضلية رجال الدين وكبار العائلة وأحقية الضيف ...يتكلم أحدهم فيستمع الآخرون باحترام فلا مكان للثنائيات والأحاديث الجانبية في هذا النوع من المجالس ..ولتداول الحديث أصول وأفضليات , وللمقاطعة الضرورية أصول أيضاً , وعندما يوجه أحدهم الكلام لشخص معين أو لضيف أو لكبير سن , لسبب ما , يضيف عبارة ( ولا يهونوا الحاضرين )
أو ما شابه ذلك , دليل على احترام الحاضرين وأخذهم بالاعتبار وعدم تجاهلهم .. وعند دخول شخص جديد للمجلس يسلم سلاماً عاماً غالباً ما يكون( السلام عليكم .. عوافي يا غانمين ..) وعندها سينقطع ــ بالطبع ــ الحديث المتداول لأجل القادم الجديد إذْ يبادره القوم بالسلام جميعاً بعد الوقوف احتراما له , ثم يشرب القهوة العربية الحاضرة دائماً ويتم التعريف عليه إن كان هناك من لا يعرفه , ومن ثم يُستأنف الحديث الذي كان متداولاً بالقول ( وأنت على واردك ) احتراماً للمتحدث أيضاً .. وهذا يعني أن للفرد قيمة في مجالسهم وأن له كياناً وحيزاً وعليه ان يكون حاضراً ومتحفزاً للدفاع عنه , ولا يوجد في مجتمعاتهم بشر أرقام , بل بل بشر أسماء ومواقف ..وهذا يفسر تقليداً غريباً في مضافاتهم حيث يقوم شخص بالإشهاد على نفسه حينما يدب الخدر في رجليه أوفي إحداهما بقوله ( اشهدوا يا غانمين رجلي خدرانة ) فإذا حصل أن تنادى القوم لعمل ما يستحق النهوض بسرعة ( فزعة ) مثلاً , وقصّر عن مواكبة أقرانه يكون معذوراً بالإشهاد المسبق على سبب تخلفه عنهم , وهذه قيمة تجسد النخوة والفروسية والرجولة والتفاني بالطبع .

يتبع....

__________________
حازم صيموعة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع كتابة مواضيع
لا تستطيع كتابة ردود
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كل عام وانتم بخير /تهنئة منتدى قرية عرمان بحلول العيد .. Lama قسم الترحيب والتهنئة 2 08-30-2011 02:50 PM
حرب عرمان المشهورة أنس ابو فخر قسم قرية عرمان 2 07-27-2011 11:47 PM
هل فعلاً نحتاج انترنت سريع في عرمان !!؟؟ مرهف الحلبي منتدى الكمبيوتر والإنترنت 1 07-03-2011 09:00 AM
تهانينا لاميره منتدى عرمان الاشراف العام .... Lama قسم الترحيب والتهنئة 3 06-18-2011 05:15 PM
مكتب أبو حسين العقاري في عرمان مجد قريشي قسم قرية عرمان 0 05-29-2011 01:37 AM


الساعة الآن: 01:02 PM


جميع التعليقات والآراء والمقالات تعبر عن رأي اصحابها فقط

 ولا تعبر عن رأي أو سياسة الموقع

جميع الحقوق محفوظة موقع بلدة عرمان