مشوار عشق .....

[حازم صيموعة]

عودتني الحياة أن أكون مستعدا دائما للحزن.....
وعلمتني أن الحزن هو الحالة الطبيعية التي يجب أن أعتاد على طول إقامتها خلال أيام حياتي....
واتبعت معي مبدأ الجرعات.... فكلما أوشكت على الاستسلام والموت يأسا....
تحقنني بجرعة من الفرح والسعادة لتعيد الحياة إلى نفسي التي ملت جور القدر.....
ومن ثم ... ودون سابق إنذار ... تسرق مني مصدر سعادتي.....
لتتركني أتخبط بآلامي ... وأحترق بنار عشقي.....
وها قد لاحت تباشير جرح جديد.....
وجاء حكم القدر من جديد... ليخطف مني قمري ومهجة روحي....
وأصدر بحق قلبي مذكرة بحث ومطاردة في كل منافذ حدود مملكة الحب....
وضيق علي مساحات الكون ... وأسرني من جديد في قمقم وحدتي......
كانت ضربته قاسية ..... وجرحي أصبح أكبر من قدرتي على استيعابه ....
وأوسع من مساحة روحي....
قيدني بالصمت ..... ووضعني في سجن كتب على بابه ( عاشق المستحيل )......
الذكريات تطوقني من كل جانب.....
وشبح الفراق يطاردني ويقض مضجعي.....
تتشابك الأفكار وتتلاحق الصور.....
ها قد أدركني سيل الحزن من جديد....
تلبدت غيوم الهم في سماء روحي.....
وتساقط الدمع جمرا يحرق ثنايا نفسي بلظاه.....
وكغروب شمس على تائه في الصحراء....
بدأ غروب حبي ليتركني في المجهول.....
خوف من الآتي ... ولهفة على ما فات.....
شوق إلى الماضي .... ورهبة من المستقبل.....
ومن جديد عاد المركب ليبحر ببحار وحيد....
ورحلت كل فراشات العشق إلى موطنها.....
من جديد استوطنت الوحدة قسرا في حجرات روحي التي كان يملؤها
الحب والشوق والحنين....
حاولت جاهداً التمسك بها وإنقاذها من الغرق في تيار اللاعودة .....
تعبت وأنا أحاول تغيير تلك الأفكار الغريبة البالية البعيدة عن الإنسانية ....
تلك الأفكار التي تعود بنا إلى عصر الجاهلية دون أن نحس ....
ولكن أخذها التيار بعيدا جدا.....
أخذها وزاد بعدا على بعد ..... إذ لم يكفه بعد المسافة ....
بل أراد القدر أن يبعد القلوب ... والأرواح ..... والعقول......
تمنيت لو أن لدي القدرة على طي مسافات الكرة الأرضية ...
والوصول إليها كي أتمكن من الوفاء ببعض ما وعدتها.....
كي أتمكن من الحفاظ على حبي الذي طالما حلمت بأن يزورني....
تمنيت لو أنني أستطيع أن أبكي حتى ينتهي البكاء .....
كي لا أبقي لها ما تبكيه ....
حتى لا أذوق حسرة رؤية عينيها ــ اللتين أعشق ــ تدمعان .....
ولكنني ما تعودت الاستسلام في الحب .....
وسوف يبقى قلبي ينبض باسمها حتى آخر دقة .....
ولكن يبقى السؤال ....
هل تريد هي ما أريده أنا .....
أنتظر في محطة صبري ..... أن يأخذني نور طيفها من ظلمات حيرتي....
لنكمل مشوار عشق ..... كلما أتعبنا ..... كلما ازداد جمالاً...