قف في ربى الخلد واهتف باسم
شاعره فسدرة المنتهى أدنى منابره
وامسح جبينك بالركن الذي انبلجت
أشعة الوحي شعراً من منائره
إلاهة الشعر قامت عن ميامنــه
وربة النثر قامت عن مياسره
والحور قصت شذوراً من غدائرها
وأرسلتها بديلاً من ستائره
أتراب مريم تلهو في خمائلــــــــــــه
ورهط جبريل يحبو في مقاصره
والملهمون بــنو هومير ما تركـــــــــوا
لما أهلَ لهم سجـــــعاً لطــــائره
قال الملائــــك: من هذا؟ فقيل لهـــــم
هذا هوى الشرق هذا ضوء ناظره
هذا الذي نظم الأراح فانتظمــــــــــت
عقداً من الحب سلكٌ من خواطره
هذا الذي رفـــــــــــع الأهرام من أدبٍ
وكان في تاجها أغلــى جواهـــــره
هذا الذي لمــــــس الآلام فابتسمـــــــــت
جراحها ثم ذابــــــت في محاجره
كم في صغر العذارى مـــــــن بوارقــه
و في جفون اليــــتامى من مواطــره
سل جنة الخلد كم ودَت أزاهرهـــرها
لو استحالت عبيــــراً في مجامره
وصادحُ الطير لو سالـــــت حناجرها
مع الصباح نشيــــداً في مزاهره
والزهر لو كــــــن أزراراً مفضضة
على الذيول الضوافي من مآزره
ما بلدةٌ سعدت بالنهر يغمرهــــــــــا
بكل أزهر حالي العود ناضره
بالبلبل المتغني في ملاعبــــــــــــــه
والسنبل المتثني في غدائــــره
بالحقل ترعى بــــه القطعان هانئةً
والنحلُ يرضع من ثديي أزاهره
يستقبلُ الفجرَ أهلوها بغرتــــه
ويغلقون الليالي في سرائـــره
ناموا على سرر الأعراس وانتبهوا
على صباح بكي الطرف غائره
على مآتم من طير ومن شجـــر
خرساء كالقبر غرقى في دياجره
شوقي أتذكر إذ (عاليه) موعدنا
نمنا وما نـــــــــام دهرٌ عن مقادره
وأنت تحت يدي الآسي ورأفتــــه
وبين كل ضعيفِ القلب خائره
ولابتسامــــــتك الصفراء رجفتها
كالنجم خلف رقيقٍ من ستائره
ونحن حولك عكاف على صممٍ
في الجاهلية ماضي البطش قاهره
سألتنيه رثاءٌ...خذه من كبـــدي
لا يؤخذ الشيء إلا من مصادره
يا مصر ما انفتحت عين ٌ على حسنٍ
إلا وأطلعتِ ألفاً من نظائـــــــره
ولا تفتقت الأفكار عـــــــن أدبٍ
إلا وأنبتِ روضاً من بواكره
قيثارة النيل كم غنيتِ قافيةً
في مسمع الدهر مسراها وخاطره
لو عاد فرعـون كانت من ذخائره
أوخُتم الخُلد كانــــت في خناصــــره