إن كنت صادق فعلاً تحمّل مسؤولية الاختلافات التي تراها في عالمك الخارجي!!
أما الكذب في مقياس الحكمة الأرفع فهو تغذية التناقض بين عالمك الداخلي وما تراه في العالم الخارجي
يعتبر البعض الأخوّة خيالاً طوباوياً لا يمت بصلة لحياتنا اليومية. ورغم أنه يشكل حلماً عظيماً للكثيرين يبدو للبعض غير قابل للتطبيق في عالمنا اليوم، بل يتطلب مجتمعاً رهبانياً أو صوفياً لا يأبه لشؤون العالم.
وطالما بقيت أفكارنا مأسورة ضمن هذه المفاهيم فإنه من المحال أن نرى مبدأ "حفظ الأخوان" كأمر واقعي يمكن تطبيقه على الأرض.
إن الأخوة لا تخفف من آلامنا فحسب بل تكثف من معرفتنا وتفهمنا لحقائق أنفسنا.
وكل ما يتطلب منا كي نحقق هذه الحالة هو في الواقع متوفر لدينا:
علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا لكي ينعكس صدقنا على الآخرين، فبالصدق تتولّد المحبة والتسامح والصبر والتعاطف والنزاهة والمسؤولية وغيرها من الفضائل التي تعتبر من أرقى القيم التي تتحلّى بها الأخوة الحقة.
ومع ذلك فإن البشرية تغاضت عن أهمية الصدق وأثره في تخفيف مشاكل العالم، واستبدلته بلغة السياسة والديبلوماسية والمصالح المشتركة.
وفي حين تختلف فكرة تطبيق هذه الأخوة عبر الزمن فإن المغزى الداخلي يستشعره جميع البشر، فكل منا يفهم هذه الفكرة بمنظاره الخاص. ومن خلاصة هذه الأفكار ينشأ مفهوم مشترك بين الجميع: تحميل أنفسنا مسؤولية الاختلافات التي نراها بين أخوتنا، والعمل على تخطّي التناقضات في ذاتنا قبل الحكم على الآخرين.
خلق الله آدم على مثاله، ومن خلال مشاهدته لهذه الصورة الإنسانية تعلم آدم. ويظن البعض أن الإنسان قادر على استقراء معان من مصادر تتجاوز بأهميتها ما تقوى عليه الصورة الإنسانية. فهجر الإنسان أخيه وركض وراء الحجم والعظمة. ولم يتذكّر أن ممارسة المحبة والتسامح ببساطة هو خير مطلب للنفس.
لا بد من أن نتحول من المصلحة الفردية إلى المصلحة الجماعية حالما ندرك أننا أخوة، فقدرنا مترابط وفهمنا لحقيقتنا يجب أن ينشأ عبر اختبارنا للحياة معاً كأخوة مجتمعين. وللمفارقة، لا تتحقق هذه الوحدة أو الكلية حتى يشرع كل فرد فينا بتحول داخلي في ذاته. إن التعرف على الأخوة والانتماء إلى عصبتها الوثيقة يتطلب منا معرفة ذاتية تولد من رحم التجارب والمعاناة.
علينا أن نجدّد نظرتنا إلى أي أخ لنا بتجدّد نظرتنا لأنفسنا، ونسائل أنفسنا متعقبين سبب ارتياحنا أو انزعاجنا منه، وهذا ما يقودنا في وجهة واحدة لاكتشاف أنفسنا. فإذا عرفنا مصدر الارتياح أو الإزعاج وما يحفزه فينا نكون قد أحرزنا قسطاً من معرفة الذات. ووجب علينا ألا نلين في هذا المعترك بل لنكتشف الرضى الذي نحظى به بمعايشتنا لهذا التحدي، إذ أن ثمة نيران حيوية تكمن في مسعانا، وهذه النيران هي التي تحركنا عبر الزمان نحو هدفنا الأسمى.
لذا يجب ألا نفقد هذه الطاقة بل بالأحرى يجب أن ننظّمها في إطار أكثر تنويراً يخدم غايتنا المثلى. وبهذا التدقيق الذاتي ندرك أن ما ننسبه إلى أفعال الآخرين ما هو إلا نتيجة لأفعالنا الخاصة، نتاج ما شعرنا أو فكرنا به.
إن المقدرة على تعلم طبيعة الأشياء الحقيقية هي هبة نستطيع وحدنا التحكم بها. إن فرصة التغيير وإدراك المحيط لا تفوتنا أبداً، وهذا ممكن لأننا نحمل إلى جانب أعبائنا البشرية عبء الخلاص ومسؤولية الاختيار. لسنا أبداً من دون القوة على اختيار مسار أفعالنا.
إن التغيرات التي نحتاج إليها في حياتنا هي في متناولنا ونملك وسائل تحقيقها. وإرادتنا الحرة تمنحنا المقدرة على اتخاذ القرارات وتحديد المصير، كما أن أبسط الخيارات التي نتخذها في حياتنا هذه هي التي تحدد ما سنصبح عليه في حيوات أخرى.
فالبشرية التي أعمتها الحوافز الأنانية تبدو قد فشلت في تطوير الحدس على فهم حقيقة أن كل قرار نتخذه يومياً يساهم في تمتين الأخوة الإنسانية أو تفكيكها.
تبدو هذه الأخوة صعبة التحقيق، لكن لا مناص من تحقيقها. ثمة قول مأثور: من أجل أن نساعد الغير علينا أن نساعد أنفسنا، ومن أجل أن نساعد أنفسنا علينا أن نساعد الغير، إن مغزى هذا القول والمعنى الذي يرمي إليه لا يفهمه سوى من كانت غايته النبيلة كغاية أخوة النور.
__________________
المحبة هي فعل يتكلم عليه حتى الصمت
المحبة هي تلك الشمعة الابدية التي لا يطفئها ريح
ولا تبتلعها ظلمة ولآنها الاقوى والابقى
المحبة نعم انها الشعور الالهي فينا
ادعوكم لزيارة موقعي الخاص
http://www.postpoems.com/members/kholod
|