فادي 001
03-24-2010, 07:14 AM
فيلم الأصليون يصلح خطأ تاريخياً في فرنسا
-
http://www.mun.ca/cinema/image/2007w/indigenes.jpg
هناك أفلام عالمية عديدة أثارت الكثير من الجدل والنقاش فغيرت مجري الأحداث، ولعبت دورا حاسما في تحريم بعض السلوكيات، أو إلغاء بعض القوانين وسن قوانين أخري جديدة. ونذكر علي سبيل المثال فيلم الرسالة للمخرج العربي مصطفي العقاد، فقد أحدث عرض الفيلم في نسخته الإنجليزية في الولايات المتحدة عدة ردود أفعال تمثلت في أحداث شغب ومظاهرات مناهضة للفيلم، فكان أن اعتنق الإسلام العديد من الأمريكيين بعد مشاهدة الفيلم. وفيلم أريد أن أعيش للمخرج الأمريكي روبرت واير، إذ علي إثره تم إلغاء عقوبة الإعدام في بعض الولايات الأمريكية. وفيلم أنا هربت لميرفين لوروي الذي لعب هو الآخر دورا حاسما في تحريم الأشغال الشاقة، وتكبيل السجناء بالولايات المتحدة الأمريكية.
ويأتي فيلم " الأصليون"(Les indignes) للمخرج الجزائري رشيد بوشارب، ليفتح صفحة سوداء من تاريخ فرنسا، بلد المساواة والحرية والإخاء، ويصحح خطأ تاريخيا يتعلق بقدماء المحاربين ذوي الأصول المغاربية( المغرب، والجزائر، وتونس) وإفريقيا السوداء، الذين قاتلوا إلي جانب الجنود الفرنسيين في الحرب العالمية الثانية.
لقد أصدرت المحكمة الإدارية الفرنسية ببوردو في فرنسا يوم الخميس 16 أكتوبر 2008، لفائدة ستة من قدماء المحاربين المغاربيين في صفوف الجيش الفرنسي، قرارا قضائيا يقضي بمنحهم تعويضات تقاعد تماثل تلك التي يستفيد منها قدماء الجنود الفرنسيين. ويعتبر هذا القرار خطوة أولي في القضاء الفرنسي قد تفتح الطريق أمام تحقيق المساواة في التعامل مع عشرات الآلاف من قدماء المحاربين المغاربيين.
جاء هذا القرار بناء علي الاتفاق الأورومتوسطي الذي تم توقيعه سنة 1996. والذي ينص في أحد بنوده علي تمكين المواطنين المغاربيين من تعويضات تماثل المواطنين الأوربيين في حال ممارستهم لعمل في إحدي دول الإتحاد. وصرح رئيس مصلحة الاتصال بوزارة الدفاع الفرنسية أن تطبيق بنود مدونة التعويضات تحوطه بعض الصعوبات. لكن حسب وسائل الإعلام فإن المتتبعين اعتبروا أنه قد يؤسس لاجتهاد قضائي تعقبه قرارات وأحكام مماثلة قد تشمل جميع قدماء المحاربين غير الفرنسيين، والذين ينحدرون من دول المغرب العربي والسنغال.
وكان القانون المالي لسنة 2007 قد نص علي الرفع من التعويضات الممنوحة لقدماء المحاربين من غير الفرنسيين، وهو القرار الذي كان قد وعد به الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بعد مشاهدته للفيلم السينمائي" الأصليون"(indigents). للمخرج الجزائري رشيد بوشارب، وبطولة جمال الدبوز( الذي تربطه علاقة صداقة مع جاك شيراك) وسامي بوعجيلة، وسامي الناصري، ورشدي زيم.
لقد استطاع هذا الفيلم أن يثير قضية قدماء المحاربين أن يثير قضية قدماء المحاربين ذوي الأصول المغاربية، والذين كانوا يترددون علي التراب الفرنسي من أجل تلقي بضع عشرات من الأورو. وبفضل هذا الفيلم سيتم تحسين الحالة الاجتماعية لعشرات الآلاف من الجنود المتقاعدين المغاربيين الذين حاربوا ببسالة وشجاعة في صفوف الجيش الفرنسي.
حسب المؤرخين فإن الجيش الفرنسي كان يتكون سنة 1944 من 550 ألف جندي من بينهم 134 ألف جزائري، و73 ألف مغربين و26 ألف تونسي، و92 ألف ينتمون إلي إفريقيا السوداء. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية وصل عدد الضحايا الأصليين علي 60 ألف جندي سنة 1945، أي ما يمثل ربع الخسائر الفرنسية طوال الحرب.
قبل عرض الفيلم في دور العرض السينمائية تطرقت وسائل الإعلام الفرنسية إلي إلحاح الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك علي مشاهدته رفقة زوجته بيرناديت، ففي مقال بجريدة"Le Figaro" تحت عنوان" عندما يضحك شيراك مع الدبوز" تمت الإشارة إلي الدور الذي لعبه الفيلم في إصدار القرار، وإصرار شيراك علي حضور العرض ما قبل الأول في سينما" شون زيليزيه" بالعاصمة باريس، بعد ذلك تم تسريع انطلاق الفيلم ب 500 قاعة سينمائية بفرنسا.
الفيلم هو تذكير للدور الكبير الذي لعبه الجنود المغاربيين الذين واجهوا الموت من أجل فرنسا، لكن هذه الأخيرة لفظتهم بعد الحرب وتخلت عنهم، فتركتهم عرضة للفقر والحاجة. حيث يحصل الجندي المغاربي المتقاعد ما قدره 60 أورو شهريا، بينما يتقاضي الجندي الفرنسي المتقاعد ما قدره 800 أورو شهريا.
قدم المغرب مساعدة كبيرة من أجل انجاز الفيلم. إذ كانت ستتجاوز ميزانيته 25 مليون أورو، لولا وضع جيشه وخطوطه الجوية رهن إشارة الطاقم المنتج( يعتبر الممثل جمال الدبوز من المساهمين في إنتاج الفيلم) فتم تقليص هذه الميزانية إلي 14,5 مليون أورو.
يعتبر الفيلم" indigents" انتصارا للجنود المتقاعدين من المغرب العربي الذين شاركوا في الحرب من أجل استقلال فرنسا من الاحتلال النازي الألماني، وهو بمثابة تذكير للفرنسيين للعنصرية التي عاني منها هؤلاء المتقاعدين، كما يسلط الضوء علي جانب مظلم من تاريخ فرنسا الحديث يتمثل بالأساس في مشاركة مقاتلين، من المغرب العربي، أكفاء إلي جانب الجنود الفرنسيين، وبعد الحرب هضمت حقوقهم فكان مصيرهم الإهمال والنسيان، منهم من قضي، ومنهم من بقي يعيش علي الفتات، واسترجاع الذكريات المريرة تؤرقهم غصة في القلب بسبب المساعدات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وهي عبارة عن تعويض يقدر ب 30% مقارنة مع ما يتقاضاه نفس الجنود الفرنسيين المتقاعدين الذين حاروا جنبا إلي جنب. ويؤكد المؤرخ الفرنسي باسكال بلانشار أنه :" أول فيلم لا يندرج ضمن أية ميثولوجيا، ولكنه يؤدي دورا تربويا بذكاء، وضمن إطار تاريخي محدد."
-
http://www.mun.ca/cinema/image/2007w/indigenes.jpg
هناك أفلام عالمية عديدة أثارت الكثير من الجدل والنقاش فغيرت مجري الأحداث، ولعبت دورا حاسما في تحريم بعض السلوكيات، أو إلغاء بعض القوانين وسن قوانين أخري جديدة. ونذكر علي سبيل المثال فيلم الرسالة للمخرج العربي مصطفي العقاد، فقد أحدث عرض الفيلم في نسخته الإنجليزية في الولايات المتحدة عدة ردود أفعال تمثلت في أحداث شغب ومظاهرات مناهضة للفيلم، فكان أن اعتنق الإسلام العديد من الأمريكيين بعد مشاهدة الفيلم. وفيلم أريد أن أعيش للمخرج الأمريكي روبرت واير، إذ علي إثره تم إلغاء عقوبة الإعدام في بعض الولايات الأمريكية. وفيلم أنا هربت لميرفين لوروي الذي لعب هو الآخر دورا حاسما في تحريم الأشغال الشاقة، وتكبيل السجناء بالولايات المتحدة الأمريكية.
ويأتي فيلم " الأصليون"(Les indignes) للمخرج الجزائري رشيد بوشارب، ليفتح صفحة سوداء من تاريخ فرنسا، بلد المساواة والحرية والإخاء، ويصحح خطأ تاريخيا يتعلق بقدماء المحاربين ذوي الأصول المغاربية( المغرب، والجزائر، وتونس) وإفريقيا السوداء، الذين قاتلوا إلي جانب الجنود الفرنسيين في الحرب العالمية الثانية.
لقد أصدرت المحكمة الإدارية الفرنسية ببوردو في فرنسا يوم الخميس 16 أكتوبر 2008، لفائدة ستة من قدماء المحاربين المغاربيين في صفوف الجيش الفرنسي، قرارا قضائيا يقضي بمنحهم تعويضات تقاعد تماثل تلك التي يستفيد منها قدماء الجنود الفرنسيين. ويعتبر هذا القرار خطوة أولي في القضاء الفرنسي قد تفتح الطريق أمام تحقيق المساواة في التعامل مع عشرات الآلاف من قدماء المحاربين المغاربيين.
جاء هذا القرار بناء علي الاتفاق الأورومتوسطي الذي تم توقيعه سنة 1996. والذي ينص في أحد بنوده علي تمكين المواطنين المغاربيين من تعويضات تماثل المواطنين الأوربيين في حال ممارستهم لعمل في إحدي دول الإتحاد. وصرح رئيس مصلحة الاتصال بوزارة الدفاع الفرنسية أن تطبيق بنود مدونة التعويضات تحوطه بعض الصعوبات. لكن حسب وسائل الإعلام فإن المتتبعين اعتبروا أنه قد يؤسس لاجتهاد قضائي تعقبه قرارات وأحكام مماثلة قد تشمل جميع قدماء المحاربين غير الفرنسيين، والذين ينحدرون من دول المغرب العربي والسنغال.
وكان القانون المالي لسنة 2007 قد نص علي الرفع من التعويضات الممنوحة لقدماء المحاربين من غير الفرنسيين، وهو القرار الذي كان قد وعد به الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بعد مشاهدته للفيلم السينمائي" الأصليون"(indigents). للمخرج الجزائري رشيد بوشارب، وبطولة جمال الدبوز( الذي تربطه علاقة صداقة مع جاك شيراك) وسامي بوعجيلة، وسامي الناصري، ورشدي زيم.
لقد استطاع هذا الفيلم أن يثير قضية قدماء المحاربين أن يثير قضية قدماء المحاربين ذوي الأصول المغاربية، والذين كانوا يترددون علي التراب الفرنسي من أجل تلقي بضع عشرات من الأورو. وبفضل هذا الفيلم سيتم تحسين الحالة الاجتماعية لعشرات الآلاف من الجنود المتقاعدين المغاربيين الذين حاربوا ببسالة وشجاعة في صفوف الجيش الفرنسي.
حسب المؤرخين فإن الجيش الفرنسي كان يتكون سنة 1944 من 550 ألف جندي من بينهم 134 ألف جزائري، و73 ألف مغربين و26 ألف تونسي، و92 ألف ينتمون إلي إفريقيا السوداء. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية وصل عدد الضحايا الأصليين علي 60 ألف جندي سنة 1945، أي ما يمثل ربع الخسائر الفرنسية طوال الحرب.
قبل عرض الفيلم في دور العرض السينمائية تطرقت وسائل الإعلام الفرنسية إلي إلحاح الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك علي مشاهدته رفقة زوجته بيرناديت، ففي مقال بجريدة"Le Figaro" تحت عنوان" عندما يضحك شيراك مع الدبوز" تمت الإشارة إلي الدور الذي لعبه الفيلم في إصدار القرار، وإصرار شيراك علي حضور العرض ما قبل الأول في سينما" شون زيليزيه" بالعاصمة باريس، بعد ذلك تم تسريع انطلاق الفيلم ب 500 قاعة سينمائية بفرنسا.
الفيلم هو تذكير للدور الكبير الذي لعبه الجنود المغاربيين الذين واجهوا الموت من أجل فرنسا، لكن هذه الأخيرة لفظتهم بعد الحرب وتخلت عنهم، فتركتهم عرضة للفقر والحاجة. حيث يحصل الجندي المغاربي المتقاعد ما قدره 60 أورو شهريا، بينما يتقاضي الجندي الفرنسي المتقاعد ما قدره 800 أورو شهريا.
قدم المغرب مساعدة كبيرة من أجل انجاز الفيلم. إذ كانت ستتجاوز ميزانيته 25 مليون أورو، لولا وضع جيشه وخطوطه الجوية رهن إشارة الطاقم المنتج( يعتبر الممثل جمال الدبوز من المساهمين في إنتاج الفيلم) فتم تقليص هذه الميزانية إلي 14,5 مليون أورو.
يعتبر الفيلم" indigents" انتصارا للجنود المتقاعدين من المغرب العربي الذين شاركوا في الحرب من أجل استقلال فرنسا من الاحتلال النازي الألماني، وهو بمثابة تذكير للفرنسيين للعنصرية التي عاني منها هؤلاء المتقاعدين، كما يسلط الضوء علي جانب مظلم من تاريخ فرنسا الحديث يتمثل بالأساس في مشاركة مقاتلين، من المغرب العربي، أكفاء إلي جانب الجنود الفرنسيين، وبعد الحرب هضمت حقوقهم فكان مصيرهم الإهمال والنسيان، منهم من قضي، ومنهم من بقي يعيش علي الفتات، واسترجاع الذكريات المريرة تؤرقهم غصة في القلب بسبب المساعدات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وهي عبارة عن تعويض يقدر ب 30% مقارنة مع ما يتقاضاه نفس الجنود الفرنسيين المتقاعدين الذين حاروا جنبا إلي جنب. ويؤكد المؤرخ الفرنسي باسكال بلانشار أنه :" أول فيلم لا يندرج ضمن أية ميثولوجيا، ولكنه يؤدي دورا تربويا بذكاء، وضمن إطار تاريخي محدد."