لؤي
04-15-2009, 12:19 AM
وقعة الكفر
من مذكرات المرحوم سلطان باشا الاطرش
كنا على علم قبل مغادرتنا لقرية ام الرمان ان حملة عسكرية قد تحركت من السويداء يقيادة
الكابتن نورمان واتجهت نحو الجنوب ولما وصل الى نبع عرى توجهت قوة استطلاعية تابعة
لها الى القريا بقصد ايهام الاهالي هناك ان غرض الحملة من مرورها بالبلدة هو اتمام المناورة
العسكرية التي يدير عملياتها في المنطقة الضابط الفرنسي المذكور غير ان هذه الحيلة لم
تنطل على اخي علي بل انذر القوة بالانسحاب من البلدة فاستجابت له وانسحبت من فورها
ولعل نورمان لم يقبل بذلك ويحدث تعديلا على خطة سيرة المقررة الا بعد ان وافته اخبار
دخولنا الى بلدة صلخد فتوجه عنذئذ شرقاً نحو الكفر مرورا بقريتي العفينة و حبران ونزل
عند الظهر في البساتين الواقعة بجوار عين موسى من الجهة الغربية ليقطع علينا طريق
السويداء ثم انتقل من هذا المكان مساء بعد ان استكشف المنطقة وضرب خيامه على الهضبة
الوعرة الواقعه الى الشرق من عين العليقة وامر بربط خيول الحملة وبغالها في الجهه الشمالية
الغربية من المخيم حيث كانت توجد بقايا سور قديم وقد علمت فيما بعد ان الكومندان نورمان
قد جاء لتفقد هذا الموقع ومعه بعض ضباط حامية السويداء واستمرت اعمال بناء المتاريس
والتحصينات حوله طوال الايام الثلاثة السابقة ليوم الواقعة
وبعد ان تدارسنا الموقف قررنا الانتقال الى خربة العين الواقعه الى الشمال الغربي من صلخد
حيث يوجد نبع ماء غزير عزمنا على اقامة مخيم كبير بجواره ننطلق منه حيث شئناويكون
لنا بمثابة معسكر او مركز تموين المحاربين ولكن سرعان ما عدلنا عن هذه الفكرة مؤقتا
لسببين 1 وصول بيرق ملح بمشاته وفرسانه واثارته موجه عارمه من الحماسة للحرب
وملاقاته العدو في الكفر دون ابطاء
تحسبنا من تدمير الطائرات الفرنسية لهذا المخيم ونحن لم نزل في بداية الثورة
وكنت قد اوفدت في اليوم الماضي رسولين الى الكفر هما قاسم الاطرش و عبدالله العبدالله
وعهدت اليهما بالامرين التاليين
مقابلة قائد الحملة واعلامة بتوجهنا الى السويداء ونصحة باخلاء الطريق والانسحاب بجيشه
من الموقع الذي يرابط فيه قبل فوات الاوان ولا يخفى ان ذلك من تقاليدنا الحربية المتوارثة
نعمل به قبل الشروع في المعركة الاولى كيلا نفسح مجال الادعاء باننا اخذناه على حين غرة
تسيمة كتابا وجهناه الى السلطة الفرنسية بالسويداء نحملها فيه مسؤليه الاعمال التي قامت بها
وعدم استجابتها لمطاليب الشعب الحقة ومحاولتها الاستمرار على السياسة الاستبدادية ذاتها
الذي كان كاربيه يتبعها بالاضافة الى السياسة الاستعمارية التي انتهجتها المفوضية الفرنسية
في بيروت بتقسيم البلاد الى دويلات مستقلة محكومة حكماً عسكرياً مباشراً قائم على الظلم و
الارهاب واثارة الاحقاد الدينية والطائفيه
وعندما وصل الرسولان مساء الى الكفر اتصلا بأسعد مرشد زعيم القرية واطلعاه على المهمه
التي جاءا من اجلها فرتأى هذا ان يقوم هو بنفسه بها مصطحباً معه من وجوه البلدة
سليمان سلبق سليمان قنديل عبدو و ساهي مرشد صابر الصباغ مختار القرية ولما اذن
لهم الكابتن نورمان بالدخول الى معسكرة وجدوه منبطحاً في خيمتة ومعه بعض ظباط الحملة
وترجمانة السوري الملازم يوسف صايغ وما ان سلموه رسالتنا الخطية وقدموا له نصحاً
بمغادرة المكان حتى اجابهم بتهكم واستخفاف قائلاً سألقي القبض على سلطان واعوانه
واعيد الامن الى نصابة في سائر انحاء الجبل خلال بضعة ايام
حاول اسعد مرشد ان يكرر نصحه للقائد الفرنسي بقوله انني انصحك يا حضرة القائد
بصدق وامانه بان تغادر المكان قبل وصول سلطان لان قوتك هذه لا تستطيع ان تقف
طويلاً في وجه الثوار
فثارت ثائرة الضابط وقال الا تعمل ان عندنا من السلاح والذخيرة هنا ما نحارب به الدروز
ثلاثة اشهر من هم هؤلاء العصاة الذين تخوفنا بهم ان الملازم يوسف صايغ هذا يستطيع
ان يسوق الدروز بعصاه من الصورة الكبيرة شمالاً الى العانات جنوباً
ثم التفت الى بقية الوفد وقال لهم اذهبوا الى سلطان وقولوا له انني بانتظارة على احر
من الجمر في هذا المكان
ولما نقل الرسولان الينا جواب القائد نورمان وصور لنا ذلك المشهد المثير انطلق الثوار
صباح 21 تموز وراء بيارقهم الخفاقة يصحبهم بعض الفرسان من بدو الجبل لم يتجاوز
عددهم جميعاً خمسمائة مقاتل اكثرهم لا يحمل من السلاح سوى السيوف والمدى والفؤؤس
اما البنادق فكان احدثها من النوع الانكليزي والالماني الطويل والقصير والعثماني بانواعه
ولما كان من الصعب علينا تنظيم مسرة البيارق المقاتله اثر خروجنا من العين بسبب
زحفها السريع وتنافسها الشديد على نيل شرف السبق الى ميدان المعركة فقد اضطررت
الى ان اطلق لفرسي العنان كي ابلغ مشارف القرية قبل الطلائع المتقدمه واعمل مع
بعض الرفاق على تنظيم الخطة المناسبة للهجوم المقرر فالتقيت هناك باحد وجهاء
الكفر وهو عبدو مرشد الذي افاد بان الحمله تتألف من ثلاثمائة من المشاه و فيصل
من الخيالة وانها متمركزه على هضبة وعرة مشرفه على عين العليقه من الشرق
لم يستغرق انتقال المحاربين من العين الى الكفر اكثر من ساعتين قمت بتقسيمهم
الى فرقتين الاولى من المشاة وتسلك الطريق الوعر والثانية من الخياله
اندفعت بسرعه نحو موقع العدو وما هي الا دقائق معدوده حتى اصبح العدو مطوق
من كل جانبولكن ضباط الحملة وجنودها استبسلو في الدفاع عن مواقعهم فكانت
نيران بنادقهم ورشاشاتهم تحصد رجالنا المهاجمين حصداً قنابلهم اليدوية وبنادقهم
القاذفة تتساقط على تجمعاتنا بكثافة عظيمة ودون انقطاع بحيث لم تصل طلائع
فرساننا وحملة بيارقنا الى ميدان المعمعه وتلتحم مع رماة الهوشكيس في الخطوط
الامامية الا بعد ان اخترقت اجسادهم عشرات الشظايا والرصاصات القاتلة
كنت اراقب سير المعركة عن كثب وعلا الرغم من قصر مدتها التي لم تتجاوز
الاربعين دققه رأيت شيوخاً وفتياناً يقتحمون المراكز الدفاعية الحصينة صعودا
اليها من بعض الجهات المنخفضه لا يحملون بايديهم سوى عصا السنديان الثخينه
او الاسلحه البيضاء المتنوعه وسمعت بأذني نخوات مقاتلينا وصيحاتهم المرعبه
بعد ان توسطو المعسكر الفرنسي ثم لم اسمع بعد قليل سوى صرخات الم متتالية
تنبعث من اولئك الجنود التعساء الذين مالت على رقابهم السيوف الباترةوهوت على
رؤوسهم واجسادهم الفؤؤس القاطعة ولم يكن ضباط الحملة وجهاز القيادة فيها اسعد
حظاً وانما لقو المصير نفسة وكتبت النجاة لافراد قلائل تمكنو من الوصول الى قلعة
السويداء بكل صعوبة اما المجندون الدروز فقد انسحبوا من مواقعهم وغادروا المعسكر
قبل بداية المعركة واذا كان نصرنا المؤزر في هذه المعركة قد احيا الامل وقوى الثقه
بنفوس ثوارنا واكسب العزل منهم اسلحه جديدة وذخائر ثمينة
اما خسائرنا بالارواح التي تكبدناها في سبيل احراز هذا النصر فقد بلغت
اربعةو خمسين شهيداً عدا الجرحه والمصابين بعاهات دائمة سقوا بدمائهم الزكية شجرة الحرية
لقد كان اخي مصطفى رحمه الله من جملة هؤلاء الشهداء الابرار الذين سقط اكثرهم في الهجمه
الصاعقة الاولىحيث تخطى بعضهم خط النار واشتبك كع العدو بالسلاح الابيض قبل ان يودي
به نزيف جراحه ويفارق الحياةومع انني كنت انهي عن مثل هذا التهور في الهجوم وحاولت
ان اضع حداًله في المعارك التي خاضها الثوار بحضوري فقد كان زمام الامر يفلت من يدي
احياناً بسبب حماسة المحاربين الشديدة واستهانتهم العظيمة بالموت
ولما نقلو لي خبر اصابته بجروح بليغه امرت بنقله الى بيت اسعد مرشد حيث بقي تحت
رعايته الى ان اسلم الروح الى باريها مساء ذلك اليوم في حين كنت اعد العدة للانتقال
مع الثوار من الكفر الى قنوات لمراقبة عملية حصار القلعة في السويداء فأعترضت طريقنا
قوة من خيالة العدو يغلب على الظن انها كانت ذاهبة الى الكفر للتثبت من صحة الاخبار
التي نقلها الفرون من المعركة عن مصير القائد نورمان ورجال حملته هناك فناوشها
فرساننا وظلوا يطاردونها حتى اقتربت من القلعة واسرعت في الدخول اليها
ولما بلغنا قنوات عند المغيب استقبلنا اهالينا بالنخوات الحماسية واستضافوا جميع
رجالنا فنزلت بدار الشيخ يوسف الهجري لان الشيخ احمد الهجري كان غائباً عن القرية
ثم علمنا ان الفرنسيين قد وسطوه ليذهب على رأس وفد من شيوخ الدين ويشرف على
عملية دفن قتلاهم الذين ظلو عدة ايام مبعثرين في ساحة المعركة تحت اشعة الشمس
وقد تم ذلك بمساعدة شيوخ الكفر واهاليها
نقلا من موقع الريان
من مذكرات المرحوم سلطان باشا الاطرش
كنا على علم قبل مغادرتنا لقرية ام الرمان ان حملة عسكرية قد تحركت من السويداء يقيادة
الكابتن نورمان واتجهت نحو الجنوب ولما وصل الى نبع عرى توجهت قوة استطلاعية تابعة
لها الى القريا بقصد ايهام الاهالي هناك ان غرض الحملة من مرورها بالبلدة هو اتمام المناورة
العسكرية التي يدير عملياتها في المنطقة الضابط الفرنسي المذكور غير ان هذه الحيلة لم
تنطل على اخي علي بل انذر القوة بالانسحاب من البلدة فاستجابت له وانسحبت من فورها
ولعل نورمان لم يقبل بذلك ويحدث تعديلا على خطة سيرة المقررة الا بعد ان وافته اخبار
دخولنا الى بلدة صلخد فتوجه عنذئذ شرقاً نحو الكفر مرورا بقريتي العفينة و حبران ونزل
عند الظهر في البساتين الواقعة بجوار عين موسى من الجهة الغربية ليقطع علينا طريق
السويداء ثم انتقل من هذا المكان مساء بعد ان استكشف المنطقة وضرب خيامه على الهضبة
الوعرة الواقعه الى الشرق من عين العليقة وامر بربط خيول الحملة وبغالها في الجهه الشمالية
الغربية من المخيم حيث كانت توجد بقايا سور قديم وقد علمت فيما بعد ان الكومندان نورمان
قد جاء لتفقد هذا الموقع ومعه بعض ضباط حامية السويداء واستمرت اعمال بناء المتاريس
والتحصينات حوله طوال الايام الثلاثة السابقة ليوم الواقعة
وبعد ان تدارسنا الموقف قررنا الانتقال الى خربة العين الواقعه الى الشمال الغربي من صلخد
حيث يوجد نبع ماء غزير عزمنا على اقامة مخيم كبير بجواره ننطلق منه حيث شئناويكون
لنا بمثابة معسكر او مركز تموين المحاربين ولكن سرعان ما عدلنا عن هذه الفكرة مؤقتا
لسببين 1 وصول بيرق ملح بمشاته وفرسانه واثارته موجه عارمه من الحماسة للحرب
وملاقاته العدو في الكفر دون ابطاء
تحسبنا من تدمير الطائرات الفرنسية لهذا المخيم ونحن لم نزل في بداية الثورة
وكنت قد اوفدت في اليوم الماضي رسولين الى الكفر هما قاسم الاطرش و عبدالله العبدالله
وعهدت اليهما بالامرين التاليين
مقابلة قائد الحملة واعلامة بتوجهنا الى السويداء ونصحة باخلاء الطريق والانسحاب بجيشه
من الموقع الذي يرابط فيه قبل فوات الاوان ولا يخفى ان ذلك من تقاليدنا الحربية المتوارثة
نعمل به قبل الشروع في المعركة الاولى كيلا نفسح مجال الادعاء باننا اخذناه على حين غرة
تسيمة كتابا وجهناه الى السلطة الفرنسية بالسويداء نحملها فيه مسؤليه الاعمال التي قامت بها
وعدم استجابتها لمطاليب الشعب الحقة ومحاولتها الاستمرار على السياسة الاستبدادية ذاتها
الذي كان كاربيه يتبعها بالاضافة الى السياسة الاستعمارية التي انتهجتها المفوضية الفرنسية
في بيروت بتقسيم البلاد الى دويلات مستقلة محكومة حكماً عسكرياً مباشراً قائم على الظلم و
الارهاب واثارة الاحقاد الدينية والطائفيه
وعندما وصل الرسولان مساء الى الكفر اتصلا بأسعد مرشد زعيم القرية واطلعاه على المهمه
التي جاءا من اجلها فرتأى هذا ان يقوم هو بنفسه بها مصطحباً معه من وجوه البلدة
سليمان سلبق سليمان قنديل عبدو و ساهي مرشد صابر الصباغ مختار القرية ولما اذن
لهم الكابتن نورمان بالدخول الى معسكرة وجدوه منبطحاً في خيمتة ومعه بعض ظباط الحملة
وترجمانة السوري الملازم يوسف صايغ وما ان سلموه رسالتنا الخطية وقدموا له نصحاً
بمغادرة المكان حتى اجابهم بتهكم واستخفاف قائلاً سألقي القبض على سلطان واعوانه
واعيد الامن الى نصابة في سائر انحاء الجبل خلال بضعة ايام
حاول اسعد مرشد ان يكرر نصحه للقائد الفرنسي بقوله انني انصحك يا حضرة القائد
بصدق وامانه بان تغادر المكان قبل وصول سلطان لان قوتك هذه لا تستطيع ان تقف
طويلاً في وجه الثوار
فثارت ثائرة الضابط وقال الا تعمل ان عندنا من السلاح والذخيرة هنا ما نحارب به الدروز
ثلاثة اشهر من هم هؤلاء العصاة الذين تخوفنا بهم ان الملازم يوسف صايغ هذا يستطيع
ان يسوق الدروز بعصاه من الصورة الكبيرة شمالاً الى العانات جنوباً
ثم التفت الى بقية الوفد وقال لهم اذهبوا الى سلطان وقولوا له انني بانتظارة على احر
من الجمر في هذا المكان
ولما نقل الرسولان الينا جواب القائد نورمان وصور لنا ذلك المشهد المثير انطلق الثوار
صباح 21 تموز وراء بيارقهم الخفاقة يصحبهم بعض الفرسان من بدو الجبل لم يتجاوز
عددهم جميعاً خمسمائة مقاتل اكثرهم لا يحمل من السلاح سوى السيوف والمدى والفؤؤس
اما البنادق فكان احدثها من النوع الانكليزي والالماني الطويل والقصير والعثماني بانواعه
ولما كان من الصعب علينا تنظيم مسرة البيارق المقاتله اثر خروجنا من العين بسبب
زحفها السريع وتنافسها الشديد على نيل شرف السبق الى ميدان المعركة فقد اضطررت
الى ان اطلق لفرسي العنان كي ابلغ مشارف القرية قبل الطلائع المتقدمه واعمل مع
بعض الرفاق على تنظيم الخطة المناسبة للهجوم المقرر فالتقيت هناك باحد وجهاء
الكفر وهو عبدو مرشد الذي افاد بان الحمله تتألف من ثلاثمائة من المشاه و فيصل
من الخيالة وانها متمركزه على هضبة وعرة مشرفه على عين العليقه من الشرق
لم يستغرق انتقال المحاربين من العين الى الكفر اكثر من ساعتين قمت بتقسيمهم
الى فرقتين الاولى من المشاة وتسلك الطريق الوعر والثانية من الخياله
اندفعت بسرعه نحو موقع العدو وما هي الا دقائق معدوده حتى اصبح العدو مطوق
من كل جانبولكن ضباط الحملة وجنودها استبسلو في الدفاع عن مواقعهم فكانت
نيران بنادقهم ورشاشاتهم تحصد رجالنا المهاجمين حصداً قنابلهم اليدوية وبنادقهم
القاذفة تتساقط على تجمعاتنا بكثافة عظيمة ودون انقطاع بحيث لم تصل طلائع
فرساننا وحملة بيارقنا الى ميدان المعمعه وتلتحم مع رماة الهوشكيس في الخطوط
الامامية الا بعد ان اخترقت اجسادهم عشرات الشظايا والرصاصات القاتلة
كنت اراقب سير المعركة عن كثب وعلا الرغم من قصر مدتها التي لم تتجاوز
الاربعين دققه رأيت شيوخاً وفتياناً يقتحمون المراكز الدفاعية الحصينة صعودا
اليها من بعض الجهات المنخفضه لا يحملون بايديهم سوى عصا السنديان الثخينه
او الاسلحه البيضاء المتنوعه وسمعت بأذني نخوات مقاتلينا وصيحاتهم المرعبه
بعد ان توسطو المعسكر الفرنسي ثم لم اسمع بعد قليل سوى صرخات الم متتالية
تنبعث من اولئك الجنود التعساء الذين مالت على رقابهم السيوف الباترةوهوت على
رؤوسهم واجسادهم الفؤؤس القاطعة ولم يكن ضباط الحملة وجهاز القيادة فيها اسعد
حظاً وانما لقو المصير نفسة وكتبت النجاة لافراد قلائل تمكنو من الوصول الى قلعة
السويداء بكل صعوبة اما المجندون الدروز فقد انسحبوا من مواقعهم وغادروا المعسكر
قبل بداية المعركة واذا كان نصرنا المؤزر في هذه المعركة قد احيا الامل وقوى الثقه
بنفوس ثوارنا واكسب العزل منهم اسلحه جديدة وذخائر ثمينة
اما خسائرنا بالارواح التي تكبدناها في سبيل احراز هذا النصر فقد بلغت
اربعةو خمسين شهيداً عدا الجرحه والمصابين بعاهات دائمة سقوا بدمائهم الزكية شجرة الحرية
لقد كان اخي مصطفى رحمه الله من جملة هؤلاء الشهداء الابرار الذين سقط اكثرهم في الهجمه
الصاعقة الاولىحيث تخطى بعضهم خط النار واشتبك كع العدو بالسلاح الابيض قبل ان يودي
به نزيف جراحه ويفارق الحياةومع انني كنت انهي عن مثل هذا التهور في الهجوم وحاولت
ان اضع حداًله في المعارك التي خاضها الثوار بحضوري فقد كان زمام الامر يفلت من يدي
احياناً بسبب حماسة المحاربين الشديدة واستهانتهم العظيمة بالموت
ولما نقلو لي خبر اصابته بجروح بليغه امرت بنقله الى بيت اسعد مرشد حيث بقي تحت
رعايته الى ان اسلم الروح الى باريها مساء ذلك اليوم في حين كنت اعد العدة للانتقال
مع الثوار من الكفر الى قنوات لمراقبة عملية حصار القلعة في السويداء فأعترضت طريقنا
قوة من خيالة العدو يغلب على الظن انها كانت ذاهبة الى الكفر للتثبت من صحة الاخبار
التي نقلها الفرون من المعركة عن مصير القائد نورمان ورجال حملته هناك فناوشها
فرساننا وظلوا يطاردونها حتى اقتربت من القلعة واسرعت في الدخول اليها
ولما بلغنا قنوات عند المغيب استقبلنا اهالينا بالنخوات الحماسية واستضافوا جميع
رجالنا فنزلت بدار الشيخ يوسف الهجري لان الشيخ احمد الهجري كان غائباً عن القرية
ثم علمنا ان الفرنسيين قد وسطوه ليذهب على رأس وفد من شيوخ الدين ويشرف على
عملية دفن قتلاهم الذين ظلو عدة ايام مبعثرين في ساحة المعركة تحت اشعة الشمس
وقد تم ذلك بمساعدة شيوخ الكفر واهاليها
نقلا من موقع الريان